ليال حدادلذيذ هو الشيخ. يتحدّث. ينفعل. ويرفع إصبعه مهدّداً تماماً كعمّه «الله يرحمو». لا يريد سلاحاً فلسطينياً في لبنان «وإلا كيف بإمكان لبنان أن يكون بخير». أرأيتم كم هو لذيذ؟ فليمت الفلسطينيون من الجوع والفقر واللاعدالة، الأمر لا يعنيه. المهمّ ألا يملك أحدهم خنجراً أو سكيناً يعكّر صفو «لبنان الحلو» وحياة سكانه الهانئين.
لا يلام الشيخ، الأرجح أنّه لم يزر يوماً مخيماً، فتلك المناطق «الموبوءة» غير موجودة بنظره إلا بخطابات المزايدة المسيحية اليمينية، حين يتحوّل كل مخيّم إلى غابة من الوحوش المسلحة. يبدأ لبنان ببكفيا وينتهي بزحلة، هكذا أتخيّل «لبنانه»، ومع ذلك أحاول أن أطمئن نفسي بالقول إنه لا يزال يافعاً يحلم بالتقسيم، وسيأتي يوم ويستفيق فيه.
أذكر مرة رأيت فيها الشيخ، يصرخ ويتوعّد باقتحام الشياح، وقوى الأمن تهدّئ من روعه. كان المشهد هستيرياً. تذكّرت نفسي حين كنت أجلس وأخطّط للتحوّل إلى فدائية تهدم المناطق الإسلامية في لبنان على رأس سكانها، ولكني كنت في الحادية عشرة يومها.
لا مناسبة محدّدة لهذا الحديث، لكني رأيت الشيخ ووالده، الشيخ أيضاً، يخطبان بأبناء قريتي، بسكنتا، فوجدت أنّه لا بدّ من إبداء رأيي بالموضوع. لن يعجب الحديث كثيرين، أقله من «البسكنتاويين». فبالنتيجة، أخوه «شهيد»، وعمّه «شهيد»، وابنة عمّه «شهيدة». نعم لقد قدموا الكثير لهذا البلد...