طرابلس ــ عبد الكافي الصمدللعام الثاني على التوالي «يرمضن» سكان نهار البارد خارجه. ومع أن الأونروا أحصت عودة نحو 2500 عائلة تقريباً إلى الأجزاء الجديدة من مخيم نهر البارد، فإنّ أكثر من 3 آلاف عائلة لا تزال تهيم على وجهها خارجه، وخصوصاً في مخيم البداوي المجاور وضواحيه، إضافةً إلى توزّع ما بقي من عائلات في مناطق المنية والبدّاوي ووادي النحلة وطرابلس، عدا عن انتقال عشرات العائلات لتقيم عند أقارب أو معارف لها في باقي المخيمات الفلسطينية في بيروت والبقاع والجنوب، أو حتى الذهاب باتجاه سوريا والأردن.
«رمضان ما عاد إلو طعم عندنا متل أيام زمان»، تقول أم أمجد وهي توزع أرغفة الخبز على مائدة الإفطار البسيطة التي فلشت على حصيرة متواضعة على الأرض أمام أحد المخازن التي تحولت إلى منازل تقيم فيها أكثر من 490 عائلة من نازحي مخيم نهر البارد، وقد انعدمت فيها كل معاني الحياة لهذه العائلات، وخصوصياتها.
فعندما نزح سكان مخيم نهر البارد منه صيف العام الماضي، إثر الاشتباكات التي دارت فيه بين الجيش اللبناني ومسلحي تنظيم «فتح الإسلام»، ضاق مخيم البداوي بمنازله ومدارسه وأنديته وكل شبر فيه بـ«إخوانهم» النازحين، فجرت الاستعانة بمخازن موجودة في جوار المخيم، وتحديداً في منطقة جبل البداوي، من أجل أن تكون أمكنة إقامة مؤقتة لهم، لكن هذه التدبير الآنيّ طال لأكثر من سنة، وليس في الأفق ما يشير إلى قرب نهايته.
«عندما برزت أزمة النازحين أتتنا المساعدات من كل مكان، ولكن كما أتوا دفعة واحدة خرجوا دفعة واحدة»، يقول أحمد ياسين أحد الشبان الناشطين في مخيم البداوي، مشيراً إلى أن وجبات الإفطار الجاهزة التي كان يرسلها تيار المستقبل وجمعية العزم والسعادة وغيرهما إلى النازحين الذين كانوا موجودين بأغلبيتهم في المدارس، غير موجودة هذه المرة، «إحنا ما بننتخبهم شو بدهم فينا ليساعدونا» يقول معلقاً.
وفيما الأونروا تتكفّل دفع بدلات الإيجار لأغلب المقيمين في المخازن والشقق، فإن خدماتها تراجعت عما كانت عليه في السابق، وشرع كل نازح «يدبر راسو براسو».
في غضون ذلك، تحولت الأحياء والشوارع والأبنية المحيطة بمخيم البداوي إلى سكن لمعظم نازحي مخيم نهر البارد، وقد دفع اختلاط أهل المخيمين بعضه مع بعض إلى إطلاق اسم جديد عليه هو «مخيم نهر البداوي»؛ ولعل أكبر مثل على هذا التمازج والانصهار هو قيام بعض شبان المخيمين بسيران مشترك، في اليوم الأخير الذي يسبق رمضان، من ضمن عادات «مابنتركها شو ما صار»، يقول أحد الشبان المشاركين فيه عند مدخل المخيم، قبل أن يضيف قائلاً: «بالسيران أكلنا لحم حتى شبعنا، لأنو بنعرف إنو برمضان ما رح ندوق اللحم».