نبّه المرجع السيد محمد حسين فضل الله في بيان أصدره أمس إلى «وجود خلل اجتماعي وتربوي وشرعي وقانوني في التعاطي مع العمال الأجانب»، وأشار سماحته إلى «نزعة عنصرية في اعتبار هذه الشرائح من مستوى إنساني ثان أو ثالث»، مؤكداً «حرمة هذا النوع من التعاطي».وجاء كلام فضل الله بعد أقل من أسبوع على إصدار منظمة «هيومان رايتس ووتش» تقريرها عن حال العمال الأجانب في لبنان، الذي ذكر أن عاملة أجنبية على الأقل تتوفّى أُسبوعياً، وأن معدل الوفيات المرتفع في صفوفهن، لأسباب غير طبيعية، يُظهر الحاجة الماسة إلى تحسين أوضاع عملهن. وقال فضل الله في بيانه المتزامن مع بداية شهر الصوم «إن ما يرشح في الإعلام عن أحوال العاملين والعاملات الأجانب في لبنان بخاصة (..) يشير إلى خلل في حركة المجتمع ونظرته وتعاطيه مع هذه الشريحة، بما يدخل المسألة في دائرة الحرمة الشرعية، أو في تهديد السلام الداخلي في داخل المنازل والمؤسسات»، وأكّد فضل الله أنه «مع اختلاف اللون والعرق؛ نلاحظ أن ثمة نزعة عنصرية في اعتبار هذه الشرائح من مستوى إنساني ثان أو ثالث، مع أن جوهر المسألة هو علاقة تعاقد في العمل على أمور محدّدة يجري الاتفاق عليها وتوقيعها بين طرفين: العامل ورب العمل. وهذا مرفوض».
وفي ما عدّه متابعون إشارة إلى ما عاناه العمال السوريون في لبنان في السنوات الأخيرة، قال فضل الله «دخلت مسألة العمال في التعقيدات السياسية التي تحصل بين بلد وآخر، وقد شهدنا بعضها في لبنان، وأدت إلى بروز حالات اضطهاد وعنف وتشفٍّ موجّه ضد مواطنين هاجروا من أوطانهم طلباً للعيش الكريم، ولم يكن لهم وزر في ذلك إلّا أنهم ينتمون إلى بلد نشب بينه وبين بلد عملهم صراع سياسي أو أمني». واستشهد المرجع بالآية «{لا تكسب كل نفس إلا عليها ولا تزر وازرة وزر أخرى} [الأنعام:164]. وإن من شأن هذا المنهج في التعاطي أن يؤسس لتعاط مقابل».
وقال فضل الله «إن أرقاماً تتحدث عن حالات من التحرش الجنسي من أرباب العمل أو من يتعلق بهم، ما يفرض وجود قوانين صارمة لحمايتهم. وإن عقد العمل هو ما يجمع بين العامل ورب عمله (..) لا يجوز لأي من الطرفين الإخلال بموجبات العقد، سواء لجهة الراتب، أو الأعباء الإضافية، أو لجهة طبيعة المأكل والمسكن والملبس الذي يلتزم الطرفان بطبيعته». كما نبّه فضل الله إلى «أن رب العمل لا يملك العامل بالعقد، ولذلك لا يحق له «بيع» الخادمة أو الخادم إلى عميل آخر من دون موافقته».
وفي تعليق على مسألة انتحار العاملات قال «إن التعاطي غير الإنساني، يحمّل صاحب الظلم وزراً فيما لو دفعت الضغوط العامل للإقدام على الانتحار أو العنف في حق نفسه أو الغير». يشار إلى أن تقرير «هيومان رايتس ووتش»، يؤكد أنه منذ كانون الثاني 2007، لاقت 95 عاملة منزل وافدة على الأقل حتفها في لبنان. وصنّفت سفارات العاملات 40 حالة على أنها انتحار، و24 حالة أخرى على أن سببها سقوط العاملات من مبان مرتفعة، العديد منها أثناء محاولات الفرار.
(وطنية، الأخبار)


العمل المفرط سبباً للانتحار

تظهر المقابلات التي أجرتها «هيومن رايتس ووتش» مع مسؤولين بسفارات عاملات المنازل وأصدقاء بعض من انتحرن، أن حصر الإقامة قسراً في محل العمل وطلبات العمل المفرطة، وإساءات أصحاب العمل والضغوط الاقتصادية من جانب أهل العاملة هي الأسباب الرئيسة التي تدفع بتلك النساء إلى الانتحار أو المخاطرة بحياتهن. وروى مسؤول بالسفارة الفيلبينية للمنظمة قصة عاملة فيلبينية اتهمها أصحاب عملها بسرقة قطعة مجوهرات، فضربوها وحبسوها داخل المنزل، على حد قوله، ثم انتهى بها المطاف إلى الانتحار. وتشير حالات انتحار أخرى إلى وجود ضغوط مالية تواجهها العاملات غير المشمولات بالحد الأدنى من الأجور في لبنان.