روزه سروروالدي الغالي، ها هو شهر الرحمة أطلّ علينا ببركاته، وأنت لأول مرة لست معنا!
آهٍ يا والدي الحبيب، ما أصعب الفراق، كيف أصف لك شوقي، ووجعي وألمي على فراقك. عند أول فطور من شهر رمضان المبارك، اشتعل القلب ناراً ولوعة.
والدي الحبيب، أقسم لك إنه لا النثر ولا الشعر ولا القوافي تستطيع أن ترسم حزني ولوعتي على رحيلك الطويل.
يا مَن كنت تملأ الدنيا علينا ضياءً وحباً وأملاً، برحيلك أصبحت الحياة ظلاماً وقهراً. كل يوم أجلس عند قبرك علّني أراك أو أسمع صوتك، ثم أعود إلى البيت أدخل غرفتك، أفتح كتبك، أتطلّع إلى صورتك علّك تكلّمني ونتحاور كما كنّا.
عزائي الوحيد قراءة مذكراتك اليومية التي كنت تكتبها طوال حياتك، أشعر بأنني أمام روائي واقعي عظيم، لأنك تنسج الكلمات بألوانها الطبيعية وترسم الوقائع بخيوطها الحقيقية. الموت حق يا والدي ولكن أمثالك الذين حباهم الله عقلاً كبيراً وأخلاقاً عالية وثقافة واسعة وإنسانية لا حدود لها فراقهم صعب!
لا أدري كيف أصف لك مشاعر الحزن واللوعة والحسرة، أصبحت الكلمات عاجزة عن التعبير.
مع بداية شهر رمضان الكريم، زادت الغصّة في حنجرتي لأنك كنت تحيي لياليه بالصلاة وتلاوة القرآن والدعاء. أحاول يا والدي أن أخفّف عن نفسي ولكن صورة العذاب والوجع اللذين عانيتهما آخر فترة في المستشفى تزيد من عذابي.
والدي، أنت القمر الذي كان يضيء ليالينا المظلمة، أنت الشمس التي كانت تنير حياتنا بالعطاء، أنت الأمل الذي كنا نحيا فيه، أنت نسيم ربيع عيتا الشعب الذي ينعش أنفسنا.
كلما أشرقت الشمس، قلت اليوم سيعود والدي ولكن حلمي سراب، ليتك يا والدي الحبيب كلّمتنا ولو كلمة واحدة قبل وفاتك. آهٍ من الغيبوبة التي حرمتنا سماع صوتك الحنون ونظرة عينيك الجميلتين ولمسة يديك المليئة بالقوة. ألف رحمة عليك أيها الأب الصالح يا أبا محمد!