محمد يونسيمكن أي مؤسسة إعلامية أن تدعي أنها تدافع عن القيم والموضوعية والحرية وما إلى ذلك من تعابير ومصطلحات جاذبة تهواها القلوب، وخصوصاً من يعانون الظلم والاستبداد ويحرمون التعبير عما يختلج هذه القلوب من مشاعر.
ولكن بقدر ما تجهد هذه المؤسسة أو تلك في الترويج لنفسها على أنها حامية الحريات وحق التعبير فإن تصرفاتها المعبر عنها بجملة برامج تديرها على الهواء تبقى هي وحدها معيار الالتزام بالمبادئ التي دفعت الجمهور إلى مشاهدتها على أساسها.
قضيتنا هنا هي المؤسسة اللبنانية للإرسال (LBC) التي تتغنى بالموضوعية والحيادية ولكن هل هي كذلك حقيقة؟ إن كان ذلك صحيحاً فهل تستطيع هذه المؤسسة اللبنانية أن تجيب عن السر الغريب أو الرابط العجيب بينها وبين المؤسسات الرسمية في الولايات المتحدة الأميركية، ولماذا يسود انطباع بأن هذه المؤسسة اللبنانية هي بمثابة الناطق غير الرسمي للرؤية الأميركية في المنطقة، وما هي الاعتبارات التي تجعل من مؤسسة اتخذت (كما تقول) الحرية والسيادة والاستقلال عناوين لتغطيتها الإعلامية معبراً لتمرير المواقف الأميركية بخصوص قضية ما كلما رأت الإدارة الأميركية حاجة إلى ذلك؟.
ولماذا هذا الحرص الشديد من جانب القائمين على القناة على عدم تغييب وجهة النظر الأميركية ولو اقتضى الأمر استضافة أكثر من مسؤول أو محلل أو خبير أميركي في أسبوع واحد؟.
أسئلة يحق لنا نحن المشاهدين طرحها علها تكشف خفايا إصرار المؤسسة اللبنانية للإرسال على الترويج لوجهة نظر أميركية دون غيرها، إصرار تفضحه نوعية الذين تستضيفهم القناة من جيفري فيلتمان الذي فرض نفسه على أحد أهم برامج المؤسسة الحوارية إلى ديفيد ولش، ودانييل بايبس، وغيرهم من المسؤولين الأميركيين ذوي التوجه المعادي بشدة للمسلمين والعرب والمؤيدين وبشدة أيضاً لإسرائيل.
كما يحق لنا أن نسأل لنعرف ماذا يجعل مؤسسة إعلامية لبنانية تدعي الدفاع عن الحريات الإعلامية مهما كان توجهها وشنت حملة إعلامية شرسة لنصرة تلفزيون «المستقبل» بعد أحداث 7 أيار / مايو 2008، ما الذي يجعل مؤسسة كهذه تستضيف على شاشتها المحرض والمسؤول الأول عن قرار الإدارة الأميركية حظر قناة تلفزيون «المنار» واعتبارها منظمة إرهابية، آفي يوريش وله كتاب في ذلك، وما هو السبب الكامن وراء تكرار استضافته بحيث يتضح من متابعة سيرة حضوره الإعلامي خارج الولايات المتحدة أن جميع إطلالاته الإعلامية التلفزيونية الخارجية كانت عبر الـ«أل بي سي» فقط آخرها كانت نهار الأحد (10\8\2008) في برنامج «الحدث»، مع العلم أن المؤسسة اللبنانية للإرسال لم تتضامن مع «المنار» عندما تعرض للتدمير خلال حرب تموز 2006 بخلاف ما فعلته لقناة «المستقبل» مما جعلها كمؤسسة إعلامية طرفاً غير محايد في أحداث 7 أيار.
كما أنها لم تقم بحملة تضامنية مع «المنار» عندما جرى حظره في أميركا وفرنسا مما يجعل هذا السلوك الإعلامي موضع شك لدى الكثير من المشاهدين اللبنانيين والعرب.