بهاء حسنطلقاتٌ تأتي من كل اتجاه، ورصاصٌ يخترق صدري، وأصوات تملأ الفضاء كأنها أجراسٌ تبارك الحياة. جسدي يتهاوى نحو التراب، وقواي تنهار، ودموعي تسيل، لكن الحزن لم يعرف إلى قلبي طريقاً.
إنه شعور الاحتضار. هدوء شديد يسيطر عليّ رغم كل الضجيج. آه ما أجملك ساعة الاحتضار. أشعر بحرارة تترك جسدي لتسيل على التراب، تاركة خلفها صقيعاً، فبدأ الصراع.
صراعٌ بين الموت والحياة. بين الحركة والسكون والدماء تسيل. لم أكن أنوي تحدّي الموت بقدر ما كنت أريد إبطاءه. إنها ساعة الانتصار عندما تشعر بالموت يسيطر على جسدك حتى يحرمك آخر قطرة دماء. لكنني تحدّيت الموت باستقباله باسماً مرحباً. فساعة الموت تريك جمال الحياة وجمال الموت في آن معاً.
جمال الحياة وذكرياتها تأتي ناشرة أمامك صور الماضي فترى أحباءك، ولكن هذا الجمال يتناقص عندما يأتي جمال الموت ليعرض نفسه عليك، فتعانقه مبتسماً إن كنت شجاعاً، وتبعده باكياً إن كنت ضعيفاً، لكنني عانقته مبتسماً وجعلته ينتظرني كي أشبع نفسي من ساعة الاحتضار. حينئذ بكى الموت وجلس بجانبي وقال: لقد هزمتني أيها الشهيد.