في إطار برنامج «نعم للحوار»، نظّمت جمعية «نحو المواطنية» حلقة شبابية عن السجون في لبنان، وتحديداً سجن رومية، استضافت خلالها الزميل عمر نشابة
هاني نعيم
«هل يمكن خصخصة السجون مثل ما حصل في الولايات المتحدة الأميركية؟»، يطرح أحد الشبان المشاركين في حلقة الحوار «وراء القضبان ـــــ ماذا يجري في سجن رومية؟» التي أقامتها جمعيّة «نحو المواطنية». كان ذلك اقتراحاً أكثر منه سؤالاً قد يؤدي إلى إصلاح حالة السجون المتردية في لبنان. فالزميل عمر نشابة، ضيف الحوار، تحدث، في هذا الإطار، عن تحسين المؤسسات القضائية واعتماد المكننة مثلاً، بدلاً من الخصخصة التي تترافق في دولة مثل لبنان مع التحاصص، ما يؤدي إلى فساد السجون.
وعرض نشابة، مؤلف كتاب «سجن رومية إن حكى»، لتاريخ السجن ومواصفاته ومشاكله مثل افتقاره إلى بئر ارتوازية. فتشتري بالتالي إدارة السجن المياه، وتوزعها بشكل غير متساوٍ على المساجين. وتناول مبدأ العقاب، طارحاً إشكالية التعاطي مع الأشخاص الذين يخالفون العقد الاجتماعي. وتساءل ما إذا «كنا نريد السجن مكاناً للقمع أم مكاناً يتغيّر فيه المساجين؟ أو بمعنى آخر، تحويل السجن إلى مكان رعوي.
كما رأى نشابة ضرورة أن يبحث المجتمع والسلطات عن الإيجابيات مع هؤلاء المساجين، لأن لديهم قدرات تقنيّة وفنيّة يجب تنميتها. مندداً بالتعاطي السلبي في هذا المجال. وتطرّق إلى مسألة «حكم القوة» داخل السجن بدلاً من «حكم القانون» إذ إنّ الضباط يجنّدون مساجين لحماية أنفسهم فيزودّهم هؤلاء بمعلومات عن «تحرّكات ومخطّطات» المساجين الآخرين.
وتخلل الحلقة الحوارية نقاش بين نشابة والشباب المشاركين. فكان معظم الحضور متفقاً على ضرورة تحسين أوضاع السجون في لبنان. وبالتالي تحسين ظروف المساجين الذين يجب أن يتمتعوا بحقوقهم إلى جانب الحد الأدنى من الظروف الإنسانية. ومن بين المقترحات التي جاءت رداً على أسئلة الشباب، أكد ضيف الحوار دراسة الخصوصيات الاجتماعية وأنواع الجرائم وطبيعتها في لبنان لتكون منطلقاً للتعاطي مع السجون وإصلاح المساجين، فضلاً عن اختيار ضباط السجون وعناصر إدارتها عبر لجنة متخصصة، ورفض اختيار هؤلاء الضباط على أساس معاقبتهم كما يحصل حالياً. واقترح نشابة نقل سلطة إدارة السجون من وزارة الداخلية إلى وزارة العدل، إضافة إلى توسيع تقارير الطب الشرعي لتبحث في أسباب قضاء عدد من المساجين، للحدّ من انتشار حالة الوفاة بينهم. ودعا إلى التعاطي مع موضوع السجون بطريقة علمية وموضوعية، بعيداً عن التوظيف السياسي. لكن أحد المشاركين بدا متشائماً حيال الوضع الحالي في لبنان، فهو لا يأمل أي خير في المستقبل. وطرح مشارك آخر تساؤلاً عما إذا كانت مشكلة السجون محصورة بلبنان أم هي مشكلة عامة تنسحب إلى دول أخرى.
وعرض نشابة في نهاية اللقاء يوميّات المساجين داخل رومية، لجهة النقاشات التي تدور بينهم حول المسلسلات المكسيكية مثلاً. وخصوصية مصطلحات اللغة التي يعتمدونها، وبعض تفاصيل حياتهم. وتحدث عن التصنيفات التي يقوم بها هؤلاء بعضهم تجاه بعض، فمفتعلو جرائم الثأر والشرف على سبيل المثال هم الأعلى مرتبة، و«الأكثر احتراماً» من المجموع. أما المزوّرون والمغتصبون فهم في الدرجات الدنيا. والأسوأ أنّ «الدرك يشارك في هذه التصنيفات»، كما قال نشابة.