يصعب على المصريين تصديق أن أحد أقوى رجالات الحكم في بلادهم أحيل على المحاكمة بتهمة التحريض على قتل الفنانة سوزان تميم. فهشام طلعت مصطفى عضو في البرلمان وفي لجنة سياسات الحزب الحاكم التي يرأسها جمال حسني مبارك
القاهرة ــ خالد محمود رمضان
لم يكن سهلاً على النائب العام المصري، عبد المجيد محمود، أن يعلن بشكل مفاجئ أمس إحالة رجل الأعمال المصري، عضو البرلمان، هشام طلعت مصطفى، على محكمة الجنايات، للاشتباه في تورطه بقتل المغنية اللبنانية سوزان تميم، في دولة الإمارات العربية. فالملياردير هشام طلعت مصطفى هو أحد أبرز قياديي الحزب الوطني الحاكم، حيث إنه الرجل الثالث في لجنة السياسات بالحزب، التي يترأسها جمال، نجل الرئيس حسني مبارك.
وجاء في نص الاتهام الرسمي أن مصطفى «شارك من خلال تحريض واتفاق ومساعدة المتهم الأول (السكري) في قتل الضحية ثأراً». وأضاف الادعاء في منطوق النص أن مصطفى «قدم له (السكري) معلومات خاصة وأموالاً ضرورية للتخطيط للجريمة وتنفيذها».
وقال بيان صادر عن مكتب عبد المجيد أن تحقيقات النيابة انتهت إلى قيام محسن السكري بتنفيذ جريمة قتل سوزان تميم في مسكنها في دبي في 28 تموز الماضي، بتحريض وتمويل من رجل الأعمال المصري. ويعمل السكري رجل أمن في فندق الفور سيزونز في منتجع شرم الشيخ، الذي بنته مجموعة طلعت مصطفى.
الإعلان سبقه بثلاثة أيام، بحسب ما تقول مصادر مطلعة، نزع الحصانة البرلمانية عن مصطفى بموافقة قطب الحزب الحاكم صفوت الشريف، رئيس مجلس الشورى، بالإضافة إلى اعتقال النائب المصري واحتجازه في مكان آمن لحين إتمام المحاكمة، خوفاً من تمكنه من الفرار للخارج في تكرار لما حدث لممدوح إسماعيل صاحب عبّارة الموت الشهيرة.
لكن قرار النائب العام أتى بعدما قرر أصدقاء مصطفى، على ما يبدو، التخلي عنه وتركه وحيداً يدفع ثمن صعوده السياسي والمالي بسرعة الصاروخ إلى قمة الهرم السياسي والاقتصادي في مصر. أحدهم قال: «لو كانت لديه علاقات بالدكتور زكريا عزمي رئيس ديوان رئيس الجمهورية لربما بقي سالماً من دون أن يمسه أحد»، في إشارة إلى العلاقة المثيرة للجدل التي ربطت بين عزمي وصاحب العبارة الهارب حالياً في عاصمة الضباب الإنجليزي لندن بعيداً عن أيدي العدالة المصرية.
وكان النائب العام المصري قد أصدر في وقت سابق قراراً بحظر نشر أية معلومات تتعلق بالتحقيق في قضية مقتل المطربة اللبنانية، في وسائل الإعلام، الأمر الذي اعتبره صحفيون أنه «محاولة حكومية للتستر على شخصية عامة بارزة»، ربما كان لها دور في الجريمة. وسرت شائعات قوية أخيراً تزعم أن المتهم بقتل سوزان تميم ربما كان قد انتحر أو حاول الانتحار، ما أثار مخاوف من أن يكون القرار يهدف إلى إسكات الصحفيين، فيما تنفذ الحكومة خطة لإغلاق ملف القضية. في المقابل سرب مسؤولون في شرطة دبي تأكيدات من القاهرة أن المتهم لم ينتحر، حيث يُتَحفَّظ عليه وسط حراسة مشددة داخل أحد السجون المصرية.
وقبل اعتقاله، دشن طلعت مصطفى حملة إعلانية ضخمة كلفته عشرات الملايين في محاولة لإثبات أنه لا علاقة له بما حدث وشراء بعض الأصوات الضعيفة في شارع الصحافة، علماً بأنه نفى في السابق أي علاقة له بمقتل المغنية اللبنانية، كذلك طالب بسن قانون لمكافحة مروجي الشائعات. وأعلنت الشركة في وقت لاحق أنها عينت رئيساً جديداً لمجلس الإدارة بدل هشام طلعت مصطفى، هو شقيقه طارق طلعت مصطفى.