نيفين حمادةما يحلم به تلامذة المدارس في لبنان، تحقّق في فرنسا، فقد انطلق أمس العام الدراسي الجديد وبدأ العمل بالقرار الذي أصدرته الحكومة الفرنسية، والقاضي بخفض عدد ساعات التدريس في المدارس الابتدائية والمتوسطة إلى 24 ساعة في الأسبوع، موزعة على أربعة أيام: الاثنين، الثلاثاء، الخميس والجمعة. هذا التقليص في عدد الساعات الدراسية تقابله إضافة ساعتين أسبوعياً هدفهما مساعدة التلامذة الذين يواجهون صعوبة في الدراسة.
إلغاء التدريس الصباحي يوم السبت بند يأتي ضمن مجموعة الإصلاحات التي أطلقها وزير التربية غسافيي داكروس، والهدف العمل لخفض عدد التلاميذ الذين يجدون صعوبة في الدراسة، لتصل نسبتهم في أربع سنوات إلى 15% فقط من مجموع التلامذة. القرار الذي صدر في 18 أيار الماضي، يتضمن برامج جديدة تركز على اللغات الحية في المدارس التحضيرية، واللغة الفرنسية والرياضيات واللغات الحية في المدارس الابتدائية، وإدراج مادة تاريخ الفنون في برامج هذه المدارس ضمن القسم التحضيري.
وبحسب ما أعلن داكروس فإن الهدف من القرار هو تنظيم الدوام الدراسي لمساعدة الذين يواجهون صعوبات دراسية، وذلك بإخضاعهم لساعات إضافية تتوزع وفق رغبة كل مدرسة ونظامها وإراحة التلاميذ الجيدين، ما يسمح لهم بقضاء وقت أطول في المنزل، فيوزعون يومياتهم بين العلم والعمل والاستمتاع.
يبدي التلامذة والأهل ارتياحاً للقرار، فقد سمح لهم بالاستمتاع بيوم العطلة، إلاّ أن المعلمين لم يبدوا الترحيب نفسه، فـ59% منهم عبروا عن استيائهم من إلغاء ساعات تعليم نهار السبت، وخصوصاً أنه اليوم الذي يجتمع فيه الأساتذة مع الأهل لمناقشة مستوى الأولاد التعليمي، وهو يوم قد يخصص للمواد الممتعة والرياضية. وقد يسبب خفض الحصص ضغطاً على الأساتذة والتلاميذ على حد سواء لإنهاء مقررات البرامج والمواد المُدرَّسة.
وقد علّق المؤرخ التربوي أنطوان بروست بأنه من المستحيل أن «نتعلم أكثر وأفضل بالعمل أقل».
وهذا ليس الانتقاد الوحيد، فقد رأى بعض المعترضين أن إخضاع بعض التلامذة لساعات دراسية محددة للتأخر المدرسي يظهر نوعاً من التمييز بين التلامذة، وقد يشعر المتأخرون بالدونية أو بضغوط نفسية، وخاصة أن المراحل الابتدائية والمتوسطة تُعدّ فترة تكوّن شخصية التلميذ.
في صفوف ابتدائية ومتوسطة ما زال التلميذ فيها يكوّن شخصيته، وهذا قد يسبّب الفرقة في الصف الواحد، مما يؤثر على نفسية الطلاب، وقالت الباحثة في شؤون التربية ماري كلود اللان إن الصعوبات الدراسية لدى التلميذ يجب أن تُحل داخل المدرسة، وخلال الدوام الدراسي فقط، ورأت أن قرار إلغاء دروس نهار السبت واستبدالها بساعات إضافية للمتأخرين قد يحل مشكلات هؤلاء الدراسية، ولكنه سيخلق مشكلات تربوية أخرى لها علاقة بنفسية التلميذ.
يُذكر أن بلداناً أروروبية عدة سبقت فرنسا، وخفضت عدد الساعات الدراسية في مدارسها، وشهدت تطوراً في الأداء المدرسي لتلامذتها، وهذا ما شجع الحكومة الفرنسية على اتخاذ القرار.
على أي حال، سيخضع القرار لفترة تجريبية للتأكد من أن التلامذة الفرنسيين سيحرزون تقدماً، وقد يتخطى معظم المتأخرين صعوباتهم في الدراسة. قد يقول البعض إن أطفال فرنسا أصبحوا حقول تجارب للنظريات التربوية، ولكن الأمر يستحق عناء التجربة والسعي لإنجاحه... وغداً لناظره قريب.