طرابلس ــ الأخبارلم يكن اللقاء الذي عقد عصر أول من أمس في قصر رشيد كرامي الثقافي البلدي (قصر نوفل سابقاً)، لمناقشة مشروع الإرث الثقافي والجانب المتعلق منه بسقف نهر أبو علي، هو الاجتماع الأول الذي يعقد من أجل هذه المسألة، ولن يكون الأخير. إلا أن القاسم المشترك بين هذه الجلسات التي تعقد منذ قرابة 4 سنوات أنها تخرج في النهاية بلا أي اتفاق، ما يجعل النقاش أشبه بـ«حوار طرشان». فبعد مرور 7 أشهر على بدء الشركة المتعهدة التي يملكها شفيق، أخ رئيس الوزراء الراحل رفيق الحريري، العمل على سقف 300 متر طولاً من مجرى نهر أبو علي، بقي السجال بشأن جدواه حاضراً بقوة.
اللقاء الذي عُقد بدعوة من هيئات المجمتع المدني، حضرته أغلب القوى السياسية وهيئات المجتمع المدني، وكان لافتاً غياب ممثلين عن أبناء المنطقة أو أصحاب البسطات المنتشرة على جانبي النهر، المعنيين الرئيسيين بالموضوع، وخصوصاً بعدما أبعدت عناصر قوى الأمن الداخلي قبل أيام البسطات قليلاً عن الشارع لتسهيل عبور السيارات، وكاد الأمر حينها يؤدي إلى وقوع مصادمات بين الطرفين جرى احتواؤها سريعاً.
اللقاء استهل بكلمة للنائب سمير الجسر، تلاه منسق هيئات المجتمع المدني غسان دبليز الذي أضاء على «الأضرار التي ستلحق بالمنطقة نتيجة تنفيذ المشروع مثلما هو الآن»، مشيراً إلى أن وضع البسطات المتراكمة على جانبي النهر فوق سقفه المرتقب «سينسف المشروع من أساسه».
رئيس «حركة التنمية والتجدد» عبد الله كبارة، ألقى مداخلة مطوّلة أشار فيها إلى «أخطاء كثيرة ارتكبت أثناء تنفيذ المراحل السابقة»، متسائلاً «كيف نلغي نهراً بدل تحويله متنزّهاً للسكان؟ عدا عن أن خطة السير المقترحة التي ستلغي أحد الخطين القائمين حالياً لم نتسلمها بعد».
إلا أن النائب محمد كبارة تحدث عن «ارتكابات قام بها المتعهد السابق، شقيق وزير المال السابق (دون تسميته)، متهماً إياه بسرقة أعمدة أثرية ونقلها ليلاً إلى مقر إقامته في جبيل». الرئيس نجيب ميقاتي فضل تأجيل موقفه حتى الإجابة عن سؤالين «هل مجلس الإنماء والإعمار متجاوب مع الدعوات المتعلقة بالمشروع، وهل درست البلدية المقترحات المقدمة إليها، وما رأيها فيها؟». وطالبت عضو البلدية سميرة بغدادي بـ«الحفاظ على مصدر رزق أصحاب البسطات الذين يعيلون أكثر من 200 عائلة».
بعد ذلك أشار عضو نقابة أصحاب المفروشات موفق السباعي إلى «الأخطاء في تنفيذ الأرصفة في سوق النحاسين والتربيعة»، غير أن عضو المجلس الإسلامي الشرعي الأعلى منذر حمزة رأى أن العاصمة الثانية «تحوّلت إلى مدينة للبؤس». أما خالد تدمري فأشار إلى أن «المشاريع بدل أن تأتي لمعالجة المشاكل تصبح هي المشكلة»، لافتاً إلى أن «المشروع يكلف 9 ملايين دولار يمكن صرفها لتحسين أوضاع أصحاب البسطات والمنطقة بدل تشويهها»، منبهاً من «خطورة أن يكون التفكير بمعالجة المشكلة قائماً على اعتبار أن وراء أصحاب البسطات أصواتاً انتخابية تجب الاستفادة منها».


جمالي يتهم والحضور يستغرب

بانتهاء المداخلات طلب رئيس البلدية رشيد جمالي «الاستماع لردي»، وقال إن «المجلس البلدي السابق أقر المشروع عام 2000، وفي عام 2004 وقعت البلدية ومجلس الإنماء والإعمار و4 مكاتب استشارية المشروع، وأقر في مجلس النواب»، ما دفع النائب كبارة للاحتجاج «ما أقر في المجلس النيابي كان غير موضوع» إلا أن جمال أكد ما قاله. لكن الأهم كان في قول جمالي إن «الدولة حاربت طرابلس طيلة السنوات الأربع الماضية، ارفعوا الحماية عن المخالفين فأنظم السوق»، ما دفع مشاركين إلى استغراب هذا الاتهام المباشر لهم. وفي النهاية أُلّفت لجنة متابعة من أحمد قمر الدين وعبد الله كبارة وممثلين عن مجلس الإنماء والإعمار، فاحتج البعض «لون اللجنة واحد، أين المعارضة؟».