يسافر جورج شويري حول العالم ويحقق حلمه بالتعرف إلى مختلف الحضارات والثقافات. الشاب اللبناني الذي يعيش في أوستراليا يحلم بالعمل في لبنان
ديما شريف
يترك جورج روسيا، المحطة الأخيرة في جولته الأوروبية، بداية الأسبوع المقبل، ويتوجه إلى دبي، ثم هونغ كونغ، تايلاندا واليابان لينهي رحلته العالمية الطويلة. بدأت رحلة الشاب اللبناني جورج شويري (26 عاماً) في التاسع عشر من تشرين الثاني 2007، وتحديداً في العاشرة والربع صباحاً. يومها ركب طائرة من مدينة ملبورن في أوستراليا، حيث يعيش مع أهله، وانطلق إلى الولايات المتحدة، وتحديداً مدينة سان فرانسيسكو، لتبدأ رحلة حول العالم ستنتهي من حيث بدأت في اليوم نفسه بعد سنة على بدايتها.
ورغم أن السندباد اللبناني ولد في أوستراليا وعاش معظم حياته هناك، إلا أنه يرغب كثيراً بالاستقرار في لبنان. «ليتني أستطيع إيجاد عمل في لبنان»، يكرر باستمرار. وهو يبقي خياراته مفتوحة على أية فرصة يمكن أن تتاح له في هذا المجال. كي يستطيع تحقيق حلمه بالسفر حول العالم، عمل جورج في وظائف متعددة في السنوات الماضية، وجمع مبلغاً من المال كان يكفيه ليدفع قسطاً كبيراً من ثمن منزل، كما يقول. وهذا ما كانت والدته تريد منه أن يفعل. ولكنه رفض. «إذا مت غداً سيبقى المنزل في مكانه. لدي كل حياتي لأدفع رهونات أي منزل أشتريه».
يعشق جورج عمله الحالي وهو تدريس مادة المعلوماتية في جامعة حكومية في ملبورن. وهو كان يمارسه منذ ثمانية أشهر فقط عندما شد الرحال وبدأ رحلته حول العالم. وقبل ذلك عمل في وظائف عدة ومتنوعة أثناء دراسته الجامعية. ومنذ سنوات عدة كتب جورج لائحة بما يريد أن يفعله قبل أن يموت، وكان عليها شيئان فقط: أن يصبح معلماً وأن يجول حول العالم. ففي آخر سنة دراسية ذهب في رحلة إلى تايلندا مع المدرسة، ومن وقتها بدأ يعدّ العدة للرحلة حول العالم التي لم تتحقق سوى بعد ثماني سنوات.
يرى جورج أن رحلته أفادته كثيراً، فهو تعرف إلى أشخاص جدد، وكوّن صداقات في بلدان عدة، إلى جانب انفتاحه على ثقافات وحضارات إنسانية مختلفة علّمته الكثير. ولم يشتر من البلدان التي مر فيها الهدايا التقليدية، بل ابتاع ما يراه عملياً ومفيداً مثل بنطال من البيرو، قميص من المكسيك، ومجلة عن السيارات من أميركا.
يعترف جورج بصعوبة التواصل مع السكان المحليين في بعض الأماكن، لخشية هؤلاء من الغرباء. ولكن ترك كل بلد أثره على شخصية جورج المرحة والمستقلة والطموحة. فتأثر جداً بالفقر الذي شاهده في بوليفيا، وأعجب بالآثارات في المكسيك والبيرو حيث تعرف إلى نمط حياة الناس منذ آلاف السنين في هذه المناطق. ولا ينكر جورج تحوّل نظرته إلى إسبانيا كدولة مستعمرة بعد جولته الجنوب أميركية التي شملت أيضاً البرازيل، إذ يرى أن عجلة التنمية توقفت في هذه الدول أو تبدأ الآن. في البرازيل كان جورج موجوداً وقت الكرنفال، ولكنه لم يشاهده في الريو بل توجه إلى بلدة صغيرة اسمها سلفادور وعاش الحدث على أصوله وبين الناس المحليين.
في أوروبا، كان الوضع أفضل، إذ إن المناطق السياحية قريبة بعضها من بعض، ولكن ثمن التجول في القارة العجوز عالٍ ويتطلب ميزانية كبيرة.
يوجه جورج نصيحة إلى كل من يرغب في القيام بجولة مماثلة أن لا يخطط مسبقاً بل يترك الأمور للصدفة، ويحاول أن يفعل شيئاً جديداً لا يفعله في العادة في بلده. كما أنه يعترف بأن سنة واحدة غير كافية للطوفان حول العالم، والأفضل تخصيص سنة لكل قارة مثلاً.
لم ينس جورج أن يعود للمرة الرابعة إلى لبنان خلال رحلته العالمية. فبين إسبانيا وبريطانيا، لم تثنه حوادث أيار الماضي عن زيارته، «سأعود بالتأكيد إلى لبنان»، يكرر جورج. فهو إذا لم يوفق بعمل في بلده الأم، يريد أن يتقاعد فيه. ولكن قبل ذلك سيتطوع سنة في أفريقيا التي لم تتسنّ له زيارتها في جولته الحالية.