Strong>لم تتوقّف بعد ارتدادات ما ذكره وزير الاتصالات في مجلس النواب عن قيام بعض الجهات الرسمية بالتنصت على هواتف المواطنين. وقد أثار كتاب أرسله الوزير إلى شركتي الخلوي جلبة بين رجال الأمن. فماذا في الكتاب؟شُغلت الأوساط الأمنية خلال الأيام الماضية بمناقشة كتاب وزير الاتصالات جبران باسيل إلى الشركتين المشغلتين للهاتف الخلوي، والذي يمنعهما فيه أن يزوّدا الأجهزة الأمنية بأي بيانات هاتفية من خارج الأصول القانونية.
وخلال الأيام الماضية، انتقلت كالنار في الهشيم شائعة بين عدد كبير من الضباط تفيد أن وزير الاتصالات مَنَع الشركتين من تزويد الأجهزة الأمنية بأي بيانات عن الاتصالات الخلوية من دون موافقته الشخصية. وأثار الأمر تساؤلات عديدة، وخاصة لناحية تحكّم الوزير الجديد بالمعلومات التي يمكن الأجهزة الأمنية أن تحصل عليها لاستثمارها في التحقيقات. وأشار عدد من الضباط لـ«الأخبار» إلى أن رصد الاتصالات الهاتفية بات من اهم الأساليب التحقيقية في الجرائم الإرهابية والجنائية العادية على السواء. ويضرب هؤلاء أمثلة على ما يقولون إن التحقيق في اغتيال الرئيس رفيق الحريري مستند في قسم كبير منه إلى تحليل الاتصالات الهاتفية، كما أن الأمر ذاته أدى إلى توقيف المتهمين في تفجير ثكنة الجيش في بيروت بداية عام 2006، فضلاً عن تحديد المشتبه فيهم بجريمة عين علق وإحالة عدد منهم إلى القضاء. وفضلاً عن ذلك، تمكنت الشرطة القضائية من تحديد أماكن تواري عدد من المشتبه فيهم بعمليات سلب عن الأنظار، من خلال ملاحقة هواتفهم الخلوية.

باسيل للعودة الى القانون

لكن وزير الاتصالات جبران باسيل أوضح لـ«الأخبار» أنه أرسل كتاباً إلى الشركتين المشغلتين طلب فيه منهما الالتزام بنص القانون 140 الصادر يوم 27 تشرين الأول 1999، مؤكداً عدم وجود أي نية لديه لفرض موافقته المسبقة على الطلبات القانونية والمتعلقة بتحقيقات تجري بإشراف القضاء. وأكّد باسيل أن كتابه يهدف أيضاً للاطلاع على كيفية تنفيذ الشركتين للقانون خلال تعاونهما مع الأجهزة الأمنية، سواء في الفترة السابقة، أو خلال استجابتهما للطلبات التي سترد إليهما في الأيام المقبلة.
من ناحية أخرى، ذكر مختصون بشؤون التحقيقات الجنائية لـ«الأخبار» أن الالتزام بقانون التنصّت بحاجة للحرص على أمرين، أولهما احترام الحرية والخصوصيات الفردية، وثانيهما المحافظة على سرية التحقيقات، وعدم تعريضها لأي تسرّب عبر إعلام العاملين في قطاع الخلوي أو في وزارة الاتصالات بما يريده القائمون بالتحقيق. وتجدر الإشارة إلى أن القانون 140 يجيز في المادة الثانية منه لقاضي التحقيق الأول في كل محافظة أن يقرر «في حالة الضرورة القصوى اعتراض المخابرات» السلكية أو اللاسلكية، «وذلك في كل ملاحقة بجرم يعاقب عليه بالحرمان من الحرية لمدة لا تقل عن سنة».
كذلك منح القانون المذكور في مادته التاسعة «لكل من وزير الدفاع الوطني ووزير الداخلية أن يجيز اعتراض المخابرات بموجب قرار خطي معلل وبعد موافقة رئيس مجلس الوزراء، وذلك في سبيل جمع معلومات ترمي الى مكافحة الإرهاب، والجرائم الواقعة على أمن الدولة، والجرائم المنظمة». لكن المادة 16 من القانون ذاته فرضت إنشاء هيئة قضائية تشرف على عمليات التنصت التي تجري بقرار وزاري، على أن تتألف الهيئة من الرئيس الأول لمحكمة التمييز ورئيس مجلس شورى الدولة ورئيس ديوان المحاسبة.
(الأخبار)