رومين ـ رنا جونيقد تكون نيّة بلدية «رومين» سليمة، تهدف كسائر البلديات إلى تنفيذ مشاريع لتجميل القرية، إلّا أن هذه النيّة سوف تعني واقعياً هدم جزء من ذاكرة المكان.
فقد قررت البلدية، لتوسيع ساحة القرية المحيطة بحسينية البلدة، هدم عدد من البيوت القديمة ذات المواصفات التراثية، ومعظمها بني منذ مئة عام.
يشرح رئيس «بلدية رومين» الحاج يحيى جوني «أن المشروع يقوم على هدم عدد من بيوت القرية غير المأهولة والمهددة بالسقوط». ويكمل أن المشروع سيشمل أيضاً «بناء أرصفة، توفير الإنارة اللازمة، وضع مقاعد للعامة».
ويلفت جوني إلى أن المشروع لا يقضي كلياً على هذه البيوت، «اختيرت المنازل الآيلة إلى السقوط والتي يمكن أن يؤدي بقاؤها إلى نتائج خطيرة». أما حين يسأل عن مساحة الأرض التي سيقيم المشروع عليها، فهو يجيب بأنه لا يعرف.
بالنسبة إلى التمويل، أعلن جوني أنه سيدفع من ماله الخاص، مشيراً إلى وعود بعض أصحاب البيوت بالتبرّع ببيوتهم، إلا أنها «ما زالت وعوداً».
ويبدي الحاج جوني استياءه من ممانعة بعض أصحاب الأملاك تقديم حجارة منازلهم، التي ستهدم، إلى البلدية لإقامة مشاريع تراثية. مثل حلمه بـ«متحف قروي»، توضع فيه الأشياء التراثية القديمة الموجودة في البلدة. وعن التناقض بين تحويل حجارة البيوت وبعض أدواتها إلى متحف تراثي، وهدم هذه البيوت بحد ذاتها، يجيب جوني بأن هذه البيوت آيلة إلى السقوط، «فما الضير إذا ما نقلناها إلى مكان آخر نجعله متحفاً؟». أما بالنسبة إلى أصحاب البيوت، فآراؤهم متفاوتة: البعض ينظر إلى الأمر نظرة تجارية، وخصوصاً أن سعر الحجر «المنحوت أو المقصّب» يتراوح بين 3 و5 دولارات. أما البعض الآخر، فقد وعد بالتبرّع بمنزله.
لكن وسط القرية المتواضعة التي يريد رئيس بلديتها أن يقيم متحفاً تراثياً، تلفت الانتباه دار من طابقين تعرف باسم «صالو»، بناها الحاج إسماعيل الزين منذ 195 عاماً، وسكن فيها. باع أبناؤه المنزل منذ 60 عاماً لشخص من آل جوني، لا تزال عائلته تسكن فيه بعد أن رمّمته بكلفة باهظة، لم تسهم البلدية فيها.
إزالة بعض البيوت التراثية من رومين لن تقضي على ذاكرة القرية من وجهة نظر البلدية. أما العجوز الذي سألناه عن رأيه، فقد اكتفى بهزّ رأسه من دون أن ينبس ببنت شفة.