ينتظر أبناء «حي السلم» افتتاح المدرسة الرسمية الثانية في «العمروسية» هذا العام. المبنى الجديد ليس بديلاً عن القديم، إنما يستوعب مزيداً من التلامذة من صفوف الروضة حتى البريفيه. يحلّ المشروع جزءاً بسيطاً من مشكلة الاستيعاب، وخصوصاً لجهة إلغاء نظام الدوامين
فاتن الحاج
... وصار لتلامذة «حي السلم» مدرستهم الرسمية الموعودة. ها هي «وزارة التربية والتعليم العالي» و«مجلس الإنماء والإعمار» ينفضان الغبار عن المبنى الحلم في «العمروسية»، المنطقة الأقرب إلى صحراء الشويفات. فحسب تقدم أعمال «التشطيب»، أي وضع اللمسات الأخيرة على المبنى، من المتوقع أن تفي الوزارة بوعدها استقبال التلامذة هذا العام.
ترتفع المدرسة العتيدة في «حي الصحراء» بعد 8 سنوات على وضع حجرها الأساس. العقار الذي تملكه «الجامعة اللبنانية»، تحوّل إلى ملاك «وزارة التربية» بشرط بناء مدرسة خلال 3 سنوات. لكن «إزالة التعديات على العقار والظروف الأمنية والسياسية أدت إلى تأخير البناء الذي بدأ عام 2006»، حسب مصدر إداري في الوزارة.
يسعى المكان لاستيعاب مزيد من تلامذة حي السلم والعمروسية الذين لامس عددهم 25 ألفاً. هذا العدد، لم يشفع للسكان، ومعظمهم في حال من الفقر الشديد، أن يحظوا بعدد متناسب من المدارس الرسمية. ثمة مدرسة يتيمة مستأجرة في «العمروسية» تبعد عن المبنى الجديد نحو كيلومترين. لكنها لا تتعدى كونها مبنى سكنياً يفتقر للتجهيزات والملاعب ودورات المياه. أما نظام الدوامين، فهو أكثر ما يعوّق الدراسة في المكان الذي لا تتجاوز قدرته الاستيعابية ألف تلميذ. بالمقابل، يتوزع العدد الباقي من التلامذة على 3 مدارس خاصة مجانية و...23 مدرسة خاصة غير مجانية. كما أنّ قسماً منهم يذهب إلى مدارس الشويفات والمحيط.
«البناء الجديد ليس بديلاً عن القديم»، يوضح أسامة نصر الدين، معاون مسؤول «التعبئة التربوية» في حزب الله. ويشرح أنّ الهدف إلغاء الدوامين كي لا «يخسر التلامذة حصتين تعليميتين، أي ما يعادل 30 في المئة من المقرر». وتضم المدرسة الجديدة 41 غرفة للصفوف من الروضة حتى البريفيه. ويتوقع الرجل أن تستوعب المدرسة 1100 تلميذ، في وقت تتحدث فيه الوزارة عن قدرة استيعابية لا تتجاوز 876 تلميذاً يتوزعون كالآتي: الروضات: 48، المرحلة الابتدائية: 432، المرحلة المتوسطة: 216، والمرحلة الثانوية: 180 تلميذاً.
أما الأهالي فيعلقون آمالاً على نقل أولادهم مما اصطلح على تسميته هنا «دكاكين المدارس الخاصة»، والاستغناء عن نظام الدوامين المرهق. «لدي 5 أولاد سأنقلهم من ثانويات المنطقة الرسمية وإحدى المدارس الخاصة إلى المدرسة الجديدة القريبة من بيتي»، تقول زينب مشيك. وتضيف: «لم نعد نحتمل مصاريف النقل وقسط المدرسة الخاصة، أي ألف دولار للمرحلة المتوسطة». وعن سبب عدم تسجيلها الأولاد في المدرسة الرسمية القديمة، تعلّق: «لدي ثلاث بنات والمدرسة فيها شباب زعران وما فيها انضباط». لكن غياب الانضباط لم يمنع محمد مشيك من تسجيل أولاده (خمسة من أصل 11 ) هناك، حيث كانوا يضطرون لاجتياز مسافة لا تقل عن كيلومترين سيراً على الأقدام. يشرح مشيك بتأثر: «كانوا يروحوا تحت الشتي والشحار، لأني لم أكن قادراً على تسجيلهم بمدرسة خاصة قريبة». ويردف «أشتغل في الأرض حين يتوافر العمل. يعني يوم إيه وعشرة لأ». ينوي مشيك نقل أولاده إلى المدرسة الجديدة «وعدونا يفتحوها السنة، ان شالله يصدقوا».
ومن الأهالي من يتردد في اتخاذ «القرار الصعب»، كما تصفه نجمة حمية. وتردف «صحيح عم بيقولوا رح يجيبوا أساتذة كفوئين، بس بناتي صغار ولازم يتأسسوا بالمدارس الخاصة». لا تستبعد حمية أن تخضع في النهاية لنصائح الجيران بإلحاق الأولاد بالمدرسة الجديدة «لأنّ الوضع على قد الحال».


ماذا عن التجهيز؟

يؤكد «المدير العام للتربية»، فادي يرق، أن الوزارة ستتسلم مدرسة العمروسية الجديدة في الأول من تشرين الأول المقبل. لكن المتابعين للملف يسألون عن سبب تأخير استدراج العروض لتأمين تجهيزات للمبنى، وخصوصاً أنّ التسجيل في التعليم الرسمي يبدأ في 15 أيلول الجاري. يقول يرق في هذا الإطار: «هذه مهمة مجلس الإنماء والإعمار. وأعتقد أنّه يعمل جدياً على هذا الموضوع. وعلمت أنّ صندوق التنمية السعودي سيتولى تمويل تأثيث المبنى وتجهيزه، وهذه عملية سريعة. أما الأولوية حالياً فهي لتسلّم المبنى من المتعهد». يشرف شخصياً، كما قال، على إنجاز اللمسات الأخيرة لكون المدرسة تحل مشكلة كبيرة في منطقة «حي السلم».