Strong>بقيت معظم الجرائم التي وقعت منذ أيار الماضي خارج أي محاسبة قانونية، ما عدا جريمة الطريق الجديدة التي أوقعت قتيلين من المشاركين في تشييع إحدى ضحايا الاشتباكات
أصدر قاضي التحقيق الأول في بيروت، الرئيس عبد الرحيم حمود، أمس، قراره الاتهامي في جريمة وقعت في منطقة الطريق الجديدة في اليوم الثالث من أحداث أيار الماضي في بيروت، والتي أدّت إلى مقتل شخصين وجرح 6 آخرين. وفي القرار القضائي اليتيم المتعلّق بجريمة قتل وقعت على خلفية التوتر الذي عاشته البلاد في أيار الماضي، رأى القاضي حمود فعل أحد المدّعى عليهما من نوع جناية القتل عمداً، موجباً محاكمته أمام محكمة الجنايات. كما منع القاضي المحاكمة عن المدّعى عليه الثاني لعدم كفاية الدليل.
وأورد القاضي حمود في وقائع القرار أن جنازة المرحوم محمد شماعة، الذي قُتِل خلال اشتباكات أيار في بيروت، كانت يوم 10/5/2008 متوجهة في الطريق الجديدة من مفرق تعاونية صبرا باتجاه جبانة الشهداء. وكان يسير أمامها عدد من الدراجات النارية والسيارات وبعض الشبان سيراً على الأقدام، للطلب من أصحاب المحال إقفالها قبل وصول الجنازة. وعند وصول الجنازة إلى منطقة أرض جلول، مقابل محال بيع قطع غيار السيارات، ترجّل بعض سائقي الدراجات النارية وحصل تلاسن بينهم وبين المدّعى عليه حسين ص.، وبدأ على أثره المشيّعون برمي الحجارة على محال الأخير الذي دخل إلى مكان عمله واحتمى وراء طاولة، ثم أطلق النار عشوائياً من سلاح حربي نوع «كلاشنيكوف»، مما أدى إلى سقوط قتيلين، هما علي المصري وموسى الكفوري، وعدد من الجرحى. وعلى أثر ذلك، رمى بعض الشبان قنابل «مولوتوف» وقوارير غاز على المحل حيث اشتعلت النيران، ليخرج بعدها المدّعى عليه حاملاً بيده البندقية وأطلق منها رشقاً نارياً في الهواء، ثم فرّ إلى خلف البناء حيث أمسك به الجيش اللبناني.
وأورد القاضي في قراره عدداً من إفادات الشهود التي تناقضت في عدد من الوقائع. فثلاثة من المشاركين في التشييع، اثنان منهم جرحوا في الحادث، ذكروا أن تلاسناً وقع بين عدد من الشبان الذين كانوا يسيرون أمام الجنازة من جهة، وحسين ص. من جهة أخرى، وذلك على خلفية طلبهم منه إقفال محله. وأضاف هؤلاء أن حسين دخل إلى محله بعد التلاسن وأطلق النار على الشبان، فأُحرِق محله بعد ذلك بدقائق.
أما الضابط المسؤول عن قوة الجيش اللبناني التي كانت منتشرة في المنطقة خلال وقوع الجريمة، فأفاد أمام القاضي بأنه لم يسمع سوى رشقين ناريين. واحد قبل وصوله إلى محل حسين ص.، والثاني بعد وصوله عندما شاهد المدّعى عليه خارجاً من محله المحترق، وكان وجهه مغطّى بـ«الشحتار»، حيث أطلق رشقاً نارياً في الهواء. وأفاد الضابط بأنه لم يشاهد أيّ مسلّح غير حسين ص. في المكان.
من ناحية أخرى، أفاد أحد أفراد الجيش الذين كانوا منتشرين في المنطقة أن شباناً كانوا يسبقون الجنازة بدأوا يكسّرون واجهات محال المدّعى عليه بواسطة أبواب سيارات، وأنه سمع بعد عدة دقائق رشقاً نارياً أسقط عدداً ممن كانوا في الشارع بين قتيل وجريح. وبعدما عاود الشبان مهاجمة المحال وإحراقها، خرج المدّعى عليه حسين ص. وبيده رشاش أطلق منه رشقاً نارياً في الهواء، وتوجه هارباً خلف البناء، فقام أفراد الجيش بتطويقه وأخذ السلاح منه ثم توقيفه ونقله إلى المحكمة العسكرية.
أما المدّعى عليه حسين ص، فأقرّ بأنه أطلق النار من سلاح حربي غير مرخّص كان في محلّه، وذلك دفاعاً عن النفس، بعدما تعرّض لهجوم من عدد كبير من الشبان الذين كانوا يستقلون دراجات نارية. وذكر حسين أنه كان قد دخل إلى محله لإحضار الغلّة وإقفال الأبواب، فهجم عليه الشبان داخل المحل، ثم طلب بعضهم من البعض الآخر الخروج من المحل ليحرقوه. وعند خروجهم بدأوا برمي الحجارة لتكسير المحل. وبالرغم من ذلك، بقي من دون ردة فعل إلى أن رموا قنبلة «مولوتوف» وقوارير غاز فارغة وأبواب سيارات كان قد اشتراها. وتضيف إفادة المدّعى عليه أنه اختبأ وراء الكونتوار وبدأت النيران تنتشر في المحل، فأخذ بندقيته الموجودة في المحل وأطلق 4 طلقات على دفعتين، من دون التصويب على أحد. وعندما شعر بأن النار زادت في المحل، أطلق النار عشوائياً من فوق الكونتوار نحو الخارج من دون إدراك ومن دون أن يشاهد على مَن يطلق النار بسبب الدخان الموجود في المحل، وخرج بعدها من المحل ليطلق النار في الهواء قبل أن يسلّم نفسه إلى الجيش.
وتقاطعت رواية حسين مع إفادة ابن شقيقته الذي كان وقت الحادثة موجوداً خارج المحل، والذي كانت النيابة العامة قد ادّعت عليه بجرم التدخل في الجريمة، إلا أن القاضي حمود منع المحاكمة عنه.
(الأخبار)