زحلة ــ نقولا ابورجيليوسط منطقة تتميز بفيلّاتها الفخمة، يقع «الحي الأشوري» المتواضع الذي يتبع عقارياً أراضي محلة كسارة جنوب زحلة. هناك يقطن حوالى 400 نسمة من أبناء الطائفة الأشورية الحيّ الذي أنشئ عام 1969 بعد أن تبرّع لشراء أرضه «مجمع الكنائس العالمي». وقد استملك المكان بموجب مرسوم استثنائي، وفرزت أراضيه إلى قطع صغيرة لغاية تجميع أبناء الطائفة الأشورية، بحسب ما قال لـ«الأخبار» الأب آرام وردة، كاهن كنيسة رعية «مار زيا». عن وصول الطائفة الأشورية إلى لبنان يقول الكاهن بدأ «في العام 1914 تاريخ تعرّض بلداتهم في جبال إقليم هكاري (أشور سابقاً)، بين تركيا وشمال العراق، للإبادة الجماعية على أيدي الأتراك. وبعد تشرّد من بقي منهم في العراق وروسيا وسوريا، ومن ثم تعرّضهم لمجزرة أخرى في منطقة سيميلي العراقية عام 1933، اضطر معظمهم إلى اللجوء إلى سوريا ثم لبنان حيث توزعوا بين مناطق زحلة (حي المعلّقة) وسد البوشرية (مركز مطرانية الأشوريين الأرثوذكس) والأشرفية (حي السريان) وبلدة الحدث (قضاء بعبدا). وأشار وردة إلى أن عدد الأشوريين وصل إلى 200 ألف، لم يبق منهم حالياً بسبب الحرب الأهلية سوى 15 ألفاً، بحسب آخر إحصاء، ومعظمهم يقيم في محلة سد البوشرية (قضاء المتن). وأكد أن 90% منهم لبنانيون بموجب إحصاء عام 1932، والبقية حصلت على الجنسية بموجب قانون التجنيس الصادر عام 1995.
«ليش ما حدا من شبابنا بينجح بالدخول إلى المدرسة الحربية؟ ولمَ هو ممنوع علينا تسلّم مراكز عالية في الإدارات الرسمية؟»، يسأل طوني يعقوب (48 عاماً) الذي يسكن حي الأشوريين منذ عام 1969. يعمل الرجل في المقاولات، وهو أشار إلى أن مصدر عيش الأهالي يعتمد على المهن الحرة، كالبناء وتصليح السيارات، وقسم قليل في التعليم. أما بالنسبة إلى وظائف الدولة، فهناك بعض موظفي الدوائر الرسمية، إضافة إلى تطوّع عدد قليل منهم في السلك العسكري. وبعد أن أبدى استياءه من حالة الانقسام السياسي، أكد أن أبناء الحي، ككل اللبنانيين، منقسمون بين القوى السياسية المتخاصمة على الساحة المسيحية. وختم حديثه بالقول «ما عنّا بلبنان لا مختار ولا رئيس بلدية، وكأنّا مجرد أصوات انتخابية فقط».
تتدخل هنا مريم سغارو ( ربة منزل ـــ 77 عاماً) «نحنا لبنانيي، لكن الهيئة في ابن ست وابن جارية بهالبلد». وبما أننا في رمضان، كان لا بد من الحديث عن المطبخ الأشوري، فشرحت لنا أكلة «المرتوخا»، «التي تطهى بمزيج من اللبنة والطحين والزبدة أو السمنة والملح والقليل من المياه». وطبق «الجاجيك» الذي يقدّم كوجبة فطور صباحية، فيجري إعداده من البصل والثوم والبقدونس وعصير نبتة الشمّر.