انطلق، أمس، العام الدراسي في بعض المدارس التي تتبع النظام الأجنبي. تقاطر الأهالي لتأمين اللوازم المدرسية. بدا الكتاب الأجنبي المستورد الشغل الشاغل للناس، لتقلّب سعر صرف اليورو
فاتن الحاج
تصطحب رلى حموي ولديها إلى إحدى المكتبات في بيروت. تُخرج لائحة الكتب وتطلب استكمال النواقص. «غداً مدرسة الأولاد»، تقول. يجمع صاحب المكتبة ما توافر منها ويبدأ بحساب ثمنها. تقاطع السيدة الرجل وتسأله عن سعر صرف.. اليورو اليوم! لم تكن حموي تنتظر الإجابة عن السؤال. فقبل وصولها إلى المكتبة، مرّت صباحاً على الصراف الذي أبلغها أنّ السعر هو 1.40 دولاراً. يرفض صاحب المكتبة الرقم فهو أيضاً اشترى كتباً في اليوم نفسه بسعر 1.45 دولاراً. بعد أخذ ورد، تنفعل السيدة وتقول «هيدا نظام غلط». تصمت قليلاً قبل أن تقترح الحل «المناسب للزبون والمريح للبائع»، وتسأله «لم لا تثبتون أسعار الكتب على الدولار فور شرائها؟ فلا يعود سعرها مرتبطاً بتغير صرف العملة. أصلاً هنا لا أحد يتعامل باليورو». يهز البائع برأسه «ما فينا نعمل هيك، نخسر. فاليورو يطلع وينزل»، يجيب، ويردف «كل العملية بتفرق معكِ 10 دولار، مش بيناتنا!» ثم يشرح لها «نلتزم السعر الذي تحدّده دور النشر العالمية، وبالمناسبة فالكتب المستوردة معفاة من الضريبة على القيمة المضافة، وهناك فقط 10 % بدل شحن وتفريغ». لكن المشكلة تكمن في سعر اليورو، تقول. يوافق الرجل: «صحيح، المشكلة ليست في الأسعار التي ارتفعت هذا العام بنسبة 5 % بل بسعر اليورو الذي وصل هذا الصيف إلى 1.60 بينما كان العام الماضي1.27». يلخص الوضع قائلاً: «إذا انخفض اليورو أنزف دماً، وإذا ارتفع لا أستطيع اللحاق به». تكتشف أنّ «المرأة عادت للتوّ من فرنسا التي هاجرت إليها في حرب تموز». «هناك نحصل على الكتب مجاناً، تقول، نحضرها بداية العام الدراسي ونعيدها إلى المدرسة في نهايته. ندفع ما يعادل 220 يورو ثمن كتب صفَي الثالث والسادس ابتدائي؟».
لكن الرقم يبدو مقبولاً أمام 900 دولار دفعتها أسرة أخرى ثمناً لكتب ثلاثة توائم في السادس ابتدائي. «مليون و350 ألف ليرة لبنانية عدّاً ونقداً»، يجزم صاحب المكتبة. كذلك فإنّ فاتورة كتب وقرطاسية لتلميذ في الرابع ابتدائي لامست 770 ألف ليرة لبنانية. والمفارقة في الكتب الأجنبية، أنّ الكتاب القديم يصبح خارج التداول بمجرد انتهاء العام الدراسي. فدور النشر تعمد كل سنة إلى تغيير الطبعة أو تبديل الكتاب نفسه، تمهيداً لتعديل المنهاج كل ثلاث سنوات. يشير صاحب المكتبة إلى كميات الكتب المكدّسة على الرفوف والمعدّة للتلف. أما تغيير الطبعات، فمعضلة متجددة «يغيّرون صورة أو سؤالاً في ملزمة (16 صفحة) يقولون لنا إنّها طبعة منقّحة، كي لا يستفيد الإخوة من بعضهم بعضاً»، تقول صباح سلام، معلمة اللغة العربية في إحدى المدارس التي تتبع النظام الفرنسي. أما راوية الغالي، وهي أم لثلاثة أولاد، فتطرح مشكلة إضافية: إلزام الأهل شراء الكتب من مكتبة محددة. هنا يتحدث صاحب المكتبة عن مافيا قوامها بعض دور النشر وبعض المدارس، فتقرر دار النشر الكتب المدرسية المطلوبة مقابل أن تحصل المدرسة على «هدية ثمينة» كسيارات لمديري المدارس، أو حسم مرتفع على الكتب، بغضّ النظر عن مضمون الكتاب المعتمد.