عبد عساكراسمي لا يهمكم، إنه جزء من شخصيتي السرية الناتجة من عملي. تستطيعون تسميتي «حامي المنطقة» أو «رئيس مخابرات زاروب حلويات أبو خالد». أعمل لحماية الناس. لذا ترونني كل مساء جالساً على كرسي قرب مدخل المبنى الذي أقطنه، متسلحاً بجهاز لاسلكي من محلات الـ1$، أراقب الناس ولا أموت هماً. قد يتبادر إلى ذهنكم سؤال عن كيف أعمل «undercover» وكل الناس تراني وتعلم دوام عملي فجوابي هو: تمويه.
أنا ابن لعائلة عرّفتها سياسة الإعمار على الفقر. تركتُ المدرسة بعد رسوبي في البريفيه. قال والدي إنه غير مستعد أن ينفق عليّ الأموال لذا يجب أن أتعلم «السنكرية». ولكن أمي قررت أن أدرس المعلوماتية. ورغم أننا لا نمتلك المال الكافي لشراء كومبيوتر درست وتخرجت، ليتّضح لاحقاً أن الاختصاص ليس مهماً كالكومبيوتر، وأن فرص عمله ليست منتشرة بقدر الجهاز. فكرت في متابعة دراستي، لكن المتابعة في المهنية، أو في الجامعة العربية مكلفة، واختصاصي لا يعادل إلا دراسة العلوم الاجتماعية في الجامعة اللبنانية التي لا تهمّني وإن كانت مجانية.
قبل انتخابات 2005، اتصل مندوبون عن رئيس الطائفة لإبلاغنا أنه قرّر بلفتة كريمة إيجاد فرص عمل لكلّ أبناء طائفته الحبيبة «فهلمّوا مسلحين بـ«سي فياتكم» وإخراجات قيدكم (لأن الهوية لا تحتوي على الطائفة) كي نؤمّن لكم العمل، ولا نسألكم عليه من أجر، إن أجرنا من رب العالمين ومن أصواتكم الانتخابية الحبيبة». وبالفعل أعطيتهم صوتي مقابل العمل الذي بقيت عاطلاً عنه، حتى عرضوا علي العمل كحارس للمنطقة في 2007. وها أنا أسهر مع أصدقائي يوميّاً نشرب النارجيلة، نلقي النكات «الزعرة» ونتحدث عن مغامراتنا الجنسية (ونِِصفها كذب). وإذا شككنا في سيارة أو حقيبة مريبة نهرع بعنفواننا وجهاز اللاسلكي والبطاقة الأمنية ونظارات «الراي بن» المزيفة، للتعرض للناس بالتفتيش والأسئلة عن تاريخهم الشخصي، قد يقول البعض إن ما نفعله ضد القانون وغير مجدٍ لأننا نحرس المساحة المقابلة لمبنانا تاركين ما بقي من الزاروب مشاعاً للإرهابيين يعيثون فساداً به. جوابنا هو: «ماخصكم ويلي ما عاجبوا يتصل بالـ112».
وأخيراً أريد أن أشكر فلول الأجهزة الأمنية والنظام السوري لتأمين هذه الوظيفة لنا، وأطلب منهم إبقاء الوضع الأمني «فلتان» كما هو لأستمر في عملي، فقطع الأرزاق من قطع الأعناق.