مازن السيّد«معك قرش بتسوى قرش»، على ألحان هذا الموّال الشعبي أبدأ نهاري الطرابلسي العابق باللاشيء.
ستة أعوام وأنا أصارع الرياضيات والإحصاء والغربة في غرف باريسية ضيّقة يملؤها الدخان الأبيض والكتب الحمراء. تَلَتهم سنة، تعفّنت فيها وأنا أبشّر بالتصوّف في معبد من معابد رأس المال، أفصل نفسي عن نفسي كل صباح وأعود إليها في المساء، منهكاً، لا يتخطى إبداعي المقلاة التي ضجرت من البصل.
رفضت أن أذوب، أَبَيت إلّا أن أؤمن بأن الحقّ أَوْلى بالعناية من الاستمرارية، وعُدت ألاحق موسيقاي وكلماتي في سديم من جنون ما بعده جنون. تطالبني أمي الـ«خائفة على مستقبلي» بأن أخجل من نفسي، لأنني «لا شغلة ولا عملة». أغضب ثم أفهم، إنه الخوف الذي لا يقرأ الجهد إنتاجاً إلّا إن درّ عليك التلفونات والسيارات والشغامين ــ راجع زياد الرحباني أو الأعشى ــ الممشوقة القدود. الذي لا يفهم انشغالك بشيء عن تجميع المال، الذي يتّهمك بأنك ضيّعت سنينك في الدراسة لأنك لا تستثمر شهادتك في دخل شهري. كأن لا قيمة للعلم والتجربة.
سحقاً لإنتاج كهذا ولعنة محمد (صلعم) والمسيح (عليه السلام) وماركس (الرفيق) والـ«شيخ» إمام، والأنبياء على الرؤوس الفارغة التي وإن حملت الملايين لن تزيد قيمتها عن القرش الواحد.
الوالدة باستهزاء بريء: «خليك متل كل هلناس، شو بدك تغيّر العالم؟»
محسوبك بكل صراحة: «ايه بدي غيرو». سوف أحاول تغيير ما لا أراه صالحاً. بدايةً بنفسي.