عبد الفتاح خطابساد منطق الحسم العسكري ومنحاه بين الأشقاء الفلسطينيين، بعدما سقطت مختلف الوساطات والتدخلات ونُكث بجميع الاتفاقات والعهود والوعود، وتقاسم كلا الطرفين النفوذ الفعلي على الأرض، مما يهدد تباعاً بنشوء دولتي «فلسطين الجنوبية» و«فلسطين الغربية»، بثقافتين سياسيتين مختلفتين، بل متباعدتين ومتنافرتين، يفصل بينهما تراث مرير من الاتهامات والخلافات والحقد والتصفيات وشلالات الدم والثأر. وهكذا تضرب إسرائيل وحدة الفلسطينيين إلى الأبد، وترتاح أمام الرأي العام العالمي من مشكلة تأمين الممرات الآمنة بين قطاع غزة والضفة الغربية، ومن مجابهة قضية واحدة بموقف فلسطيني ورأي ومطالب موحّدة.
المضحك المبكي أن الانقسام الفلسطيني وصل إلى موضوع ضبط الوقت، حيث أعلنت «دويلة رام الله» أنه سيُعمل بالتوقيت الشتوي منتصف ليلة الاثنين أول أيلول، بينما أعلنت «دويلة غزة» العمل به منتصف ليلة الجمعة في الخامس من أيلول!
أما السودان فهو مرشح لنشوء ثلاث دويلات على الأقل في شمال السودان وجنوبه وغربه (إقليم دارفور)، ويُسعى لإنشاء ثلاث دويلات في العراق ذات طابع مذهبي أو عرقي (شيعية، سنية، كردية)، هذا دون أن ننسى أن العراق أصبح دولة فدرالية بعد تعديل دستوره. والعمل جارٍ على قدم وساق لوضع دول خليجية ومغاربية على لائحة الانتظار للتقسيم، من دون أن ننسى بالطبع لبنان «سوبر ستار التقسيم»... بالمقابل نحن نهزأ من نظريات المؤامرات، ونجهد في إصدار بيانات الاستنكار والتنديد، ونطلب الموت الزؤام لأعدائنا. بينما يعمل الآخرون على التقسيم ميدانياً وعلى الخرائط... نحن نعمل «تقاسيم على العود»!