ديما شريفاليوم، لم يعد من الجميل العودة إلى طرابلس. شوارعها تملؤها الحواجز الإسمنتينة والحديدية لحماية أعيانها الجدد. إسلاميّوها يتشاجرون فيما بينهم ومع جيرانهم، ومعظم قاطنيها أصبحوا معتدلين يعانون رهاب الأجنبي، أي كلّ ما يأتي من خارج حدود ساحة النور والملولة. ولم يعد صعباً على أي ولد أن يسكّر حارة بمستوعب قمامة ويعلن نفسه قبضاي الشارع. وتزيّن بعض الأبنية بثقوب الرصاص اليومي.
كل شيء تغيّر. وحده النقيب الحكيم يبقى الوجه الثابت في المدينة. لم تثنه التغيّرات التي عصفت بالبلد ومدينته. غيّر ولاءه كما تغيّر الحية جلدها. يرافق النائب الشاب في كل مراحل زياراته إلى طرابلس، كما كان يرافق مسؤولي الأجهزة الأمنية الشقيقة في عهد الوصاية القديم. وقتها لم يكن يهتم بأن هؤلاء كانوا ينهبون المدينة وينكّلون بأهلها، فالصداقة فوق كل اعتبار. فكان يزور أصدقاءه دائماً ويحضر معه جمع من «المهضومين» للترفيه عنهم، تماماً كما يفعل الآن.