يؤدي المسلمون فريضة الصيام سنوياً خلال شهر رمضان. على البعض مراعاة ظروفهم الصحية الخاصة وهم يمارسون هذا الواجب، أما البعض الآخر، فعليهم دائماً مراعاة التوازن والتنوع في المواد الغذائية التي يتناولونها ليلاً
إعداد: رنا حايك
يؤمن المسلمون بالفوائد الروحية والنفسية والجسدية والاجتماعية للصيام، إلا أن الممارسة غير السليمة له تظهر مشاكل صحية عديدة. فخلال رمضان، تتباطأ نسبة إنتاج الطاقة الجسدية لدى الصائم، وتبدأ آليات تنظيم أخرى، يفعّلها الصيام، بالعمل. غالباً ما يلاحظ ارتفاع معدلات الأسيد المعوي خلال رمضان. وهو ارتفاع يترجم من خلال إحساس بالتخمة و»حرقة» في المعدة وحموضة في الفم. تساعد الألياف الغذائية على تخفيف هذا الأسيد وعلى زيادة إفراز أسيد القناة الصفراوية: فالخضار والحبوب والفواكه والخبز المصنوع من القمحة الكاملة هي أغذية تحفّز تحرّك العضلات الداخلية وخلط الغذاء، وتقطيع الطعام إلى قطع صغيرة لتسهيل عملية الهضم.
بالنسبة للمصابين بداء القرحة، عليهم تجنّب الطعام المشبع بالحرّ وبالبهارات ومراجعة الطبيب لاتّباع نظام غذائي خاص. أما بالنسبة للمصابين بداء السكري، فعليهم أيضاً مراجعة طبيبهم لمعرفة نوع الدواء وكميته الذي عليهم تناوله، والتدابير الغذائية التي عليهم اتخاذها خلال هذا الشهر.
أما النساء الحوامل والمرضعات، فحاجتهن للطاقة والغذاء أعلى من حاجة الرجال بكثير. والتقصير في احترام هذين العاملين خلال الصيام قد يؤدي إلى حدوث تعقيدات صحية لديهن.
يجب، في المناطق حيث يُعدّ سوء التغذية مشكلة كبيرة، وخصوصاً لدى النساء المنتميات إلى الشرائح الاجتماعية ذات المداخيل المنخفضة، إيلاء أهمية كبيرة لغذاء النساء خلال رمضان. فهن يتابعن مزاولة أعمالهن الشاقة في المزارع والمصانع رغم صيامهن. واجتماع سوء التغذية مع ظروف العمل الشاقة، قد يؤدي إلى وقوع مشاكل صحية تصل أحياناً خطورتها إلى حد تهديد الحياة.
أما القضية الغذائية الأخرى المتعلقة برمضان، فهي المبالغة في تناول الطعام التي تخلّ بميزان النظام الغذائي: فشهر الصوم مشهور بما يستهلك خلاله الصائمون من طعام ثقيل خلال وجبة الإفطار. واتباع نظام غذائي غير صحيح يؤثر سلباً على الجسم. حتى نكون أصحّاء، علينا أن ننوّع في استهلاك طعام ينتمي لمختلف الفئات الغذائية: الخبز والحبوب، الحليب والمنتجات المشتقة منه، اللحوم والخضار والفواكه.
إن حاجة الجسد المباشرة مع حلول الإفطار تكون في تناول مصدر للطاقة متوافر بسهولة، على شكل غلوكوز تحتاج إليه كل خلية حية في الجسم، وخصوصاً خلايا المخ والأعصاب. التمر والعصير هما مصدران جيدان للسّكر، ما يفسّر «السّنة» المتبعة في كسر يوم الصيام الطويل بحبة تمر وبكوب من العصائر المتنوعة كالجلاب وشراب قمر الدين.
إن بضع حبات من التمر وكأساً من العصير وحدها تكون كافية عادة لرفع نسبة الغلوكوز في الدم إلى مستواها الطبيعي. يتبع الصائم ذلك عادة بتناوله كأساً من الشوربة، وخصوصاً شوربة العدس. تساعد هذه السوائل الجسد على الحفاظ على موازين الماء والمعادن فيه. يجب أن يتناول الصائم بعد ذلك وجبة متوازنة تحتوي على كميات معتدلة من كلّ من الفئات الغذائية. اللحوم والحبوب هي مصدر جيد للبروتين والمعادن وبعض الفيتامينات. كما تعدّ الحبوب مصدراً مهماً للألياف الغذائية. أما الخبز المصنوع من القمحة الكاملة والحبوب، فهو مصدر جيد للنشويات المركبة التي تمدّ الجسد بالطاقة وبالبروتين والمعادن والألياف الغذائية.
في مقابل استهلاك الأغذية المشبعة بالسّكر، يجب استهلاك الحبوب الكاملة: فذلك يساعد في المحافظة على مستوى الغلوكوز الطبيعي في الدم لوقت أطول، وفي تفادي حدوث هبوط يرتبط بالوجبات المشبعة جداً بالسّكر. الحليب ومنتجات الألبان هي مصدر جيد للبروتين والكالسيوم، اللذين يمثّلان عنصرين أساسيين للحفاظ على الأنسجة ولتأمين وظائف جسدية عدة. أما الفواكه والخضار، فهي مصدر رئيسي للألياف الغذائية، للفيتامين أ، للكاروتين واللايكوبينس، وكذلك لأنواع أخرى من المركّبات الكيميائية المشهورة بدورها كمضادات للأكسدة. تساعد هذه على الوقاية من السرطان، ومن أمراض القلب، كما على تفادي مشاكل صحية أخرى.
تناول سحوراً خفيفاً، خبزاً مصنوعاً من القمح الكامل، حبوب الشوفان مع الحليب، أضف ملعقتين أو ثلاث ملاعق من زيت الزيتون أو أي من الدهون غير المشبعة في السلطة أو الحبوب. وتناول حبة أو اثنتين من الفاكهة. فالتنوع والاعتدال والتوازن هي الصفات المتعارف على أهميتها في أي نظام غذائي.
تتزايد هذه الأهمية خلال رمضان. إذ يحسّن النظام الغذائي المتوازن من وضع الكوليسترول في الدم، يخفّض الأسيد المعوي، ويمنع حالات الإمساك ومشاكل الهضم الأخرى.