يختتم الملتقى الثاني للشباب الأورو متوسطي أعماله غداً الأحد. يشارك في الملتقى خمسون شاباً من فلسطين والأردن ومصر وتونس والمغرب واليونان وفرنسا وإيطاليا وإسبانيا وألمانيا. تنظم الورشة «فريديريش إيبرت»، بالتعاون مع الجمعيات المدنية والصليب الأحمر اللبناني والألماني
برمانا ـ رندلى جبور
ظهروا كأنّهم في الموقع الوسط بين سلبية التعدد والاختلاف وإيجابياتهما، فكانت نقاشاتهم تشبه تارة «برج بابل» وتذكّر طوراً بالقول الإنجيلي التبشيري: «يتكلمون لغات عدة». شباب بين 18 و30 عاماً قدموا من دول عربية وأوروبية على جناح «المنبر المدني الأورو متوسطي». حملوا لغاتهم وثقافاتهم وأفكارهم وتوجهوا إلى برمانا المنطقة المتنية «الجبلية والقريبة من العاصمة»، للمشاركة في الملتقى الثاني للشباب الأورو متوسطي. انطلق الملتقى من الحرائق في لبنان واليونان ليرفع المشكلات البيئية هاجساً شبابياً مشتركاً تحت عنوان «البيئة في أبعادها المشتركة». يجمع خمسين شخصاً نصفهم من لبنان ونصفهم الآخر من الدول المتوسطية العشر الأخرى من مختلف الجمعيات المدنية والصليب الأحمر اللبناني والألماني.
الفلسفة الخضراء حطت ضيفاً أساسياً في النقاشات والمحاضرات والألعاب والجولات ودراسة الحالات التي توزع فيها المشتركون فرقاً يتحدثون لغة يفهمها الجميع أو يستعينون بـ«ترجمان». والخلاصة: «فلنبدأ من أنفسنا بحماية البيئة عبر استخدام النقل العام، تناول المواد الغذائية العضوية المحلية، رمي الأوساخ في مكانها الطبيعي وتوفير الطاقة. أما على صعيد الجماعة، فيجب الاعتماد على التشجير وإعادة التصنيع والبناء على أساس هندسة بيئية. وعالمياً التشبيك ضرورة بين الدول لتبادل التجارب، ووضع النمو والاستهلاك في كفتين متعادلتين في الميزان الاقتصادي العالمي».
حوار الحضارات أظهر صراعها، وعلت الصرخة لبنانياً. تنقل إحدى المشاركات النقاش من ضفة إلى ضفة: «العمل البيئي ليس تصرفات فردية ولا حتى جماعية. فهناك دماغ عالمي يعمل على تهديم الأرض والخطر أكبر من مجرد رمي نفايات وإعادة تصنيع ولقاءات. هو الحروب المبرمجة المالية والاقتصادية التي تنتهجها الشركات الكبرى. نحن نحارب على جبهة على قياسنا فيما يشنون حروباً على جبهة الكرة الأرضية قاطبة». علا التصفيق قبل أن يستفيض النقاش على الضفة الجديدة. وإجماع على أن الدول الصناعية التي تبغي الربح المادي وتنفذ الصفقات السياسية تضر بالبيئة بشكل رئيسي، فيما تبقى الدول العربية عاجزة لأنها مشرذمة «والدول الكبرى تهتم بمشاكل الإرهاب والهجرة غير الشرعية في وقت تغرق فيه الدول النامية في هموم المعيشة».
وينتقل المشاركون إلى «القرية البيئية في دميت ـ الشوف». هناك النموذج اللبناني حاضر والتجارب أيضاً وستعرض في إطارات ثلاثة، هي السياسة البيئية و«درب الجبل اللبناني» والتنمية الريفية.
وبين «الجبلين» وبيروت جولة «للأجانب» الذين يزورون بمعظمهم لبنان للمرة الأولى على بيت الدين و«الداون تاون». ويعبّر الأردني عبد الرحمن الحلواني عن إعجابه بلبنان «الكلو أخضر فيما نعيش في صحراء». من جهته، يتحدث بلال مكي من تونس عن إيجابية ورشة العمل التي تكمن في تبادل الأفكار والتجارب للاستفادة منها في إيجاد الحلول كل في بلده. يضع مكي تونس بين مطرقة الخروج من الاشتراكية وسندان الهجمة الرأسمالية ما يجعل البيئة تحدياً صعباً.
«هي فرصة جميلة، في رأي الألمانية المهتمة بالمواضيع المتوسطية جنيفر لارم، أن نتبادل الأفكار لا كأبناء دولة واحدة بل كأبناء دول عديدة تملك تجارب غنية». لكن إحدى المشاركات اللبنانيات من الصليب الأحمر تعقّب بالقول: «لا نزال في العموميات والنظريات وتطبيق الأفكار التي نناقشها شبه مستحيل».


حوار الحضارات

تأسس ملتقى الشباب الأورو ـ متوسطي على هامش القمة التأسيسية للشراكة الأورو ـ متوسطية في عام 1995. يهدف الملتقى إلى تعزيز الحوار بين شباب المتوسط وإيجاد الحلول للمشاكل المشتركة بينهم. يذكر أنّ هناك منسقاً لكل دولة يجتمعون دورياً للتحضير للقاء السنوي للشباب. أما الملتقى في لبنان فحصل على علم وخبر منذ يومين فقط. وكانت النسخة الثانية للملتقى قد استوجبت سنة كاملة من الإعداد. وتمنى المشاركون أن تأخذ توصياتهم التي ستصدر غداً الأحد حيّز التنفيذ عبر تأليف لجان متابعة، على أن ترفع إلى الوزارات المعنية وسفارة الاتحاد الأوروبي. «فالشباب يحملون التحديات العالمية إلى حوار الحضارات والثقافات مهما تصارعت»، كما قال أحدهم.