إبراهيم الأمينكان يصعب على تيار المستقبل ورئيسه سعد الحريري تقبُّل مراجعة النائب وليد جنبلاط القاسية. ومع أنّ البعض حاول إشغال نفسه بلعبة التوضيحات والترجيحات، فإنّ أصل الموقف هو ما قِيل، لناحية أنّ جنبلاط يحاول مرة جديدة التصرف بواقعية شديدة، تقوده هذه المرة إلى حيث لا يشتهي هو أو آخرون. لكن المشكلة ليست في الخيار أو الموقف الذي يتّخذه الرجل، بل في أنّ من يرفض من حلفائه مساره الجديد، هو الفريق الذي لا يزال مقتنعاً بأنّه مصيب في ما اقتنع به، وأنّ التطورات تجري لمصلحته هنا ومن حولنا، وفي المحيط القريب أو البعيد.
وإذا كان سهلاً على جنبلاط دون غيره من سياسيّي لبنان هذه القدرة على الاستدارة، فذلك لا يعني أنّ على الآخرين التسمّر في أماكنهم حتى يوهموا أنفسهم وناسهم بأنهم من الثابتين على موقف أو على قناعة، حتى وإن قادتهم إلى الانتحار.
بهذا المعنى، يمكن فهم الاحتجاجات التي قامت من حول سعد الحريري ومن حول جنبلاط أيضاً بسبب ما نقلته «الأخبار» عنه قبل يومين، وهو كلام سمعه سياسيون وإعلاميون وضيوف أجانب مع مزيد من الإسهاب، رغم أنّ جنبلاط كان حريصاً على التمييز في نقده لتجربة «المستقبل»، بين رئيسه سعد الحريري، وبين الآخرين من الذين لا يطيقهم جمهور «المستقبل» لا خصومه فقط.
في كل مرة تنمو فيها قوة سياسية مثل «المستقبل»، يزداد نمو الأجسام الطفيلية على هامشها. وهذه هي حال أحزاب أكثر عراقة وأكثر تنظيماً وأكثر قوة، لكن المشكلة مع «المستقبل»، أنّ من يجب أن يُجري المراجعة لتصحيح خطأ أو سلوك طريق آخر، هو نفسه الفريق الذي تتطلّب المراجعة استقالته فوراً وقبل البدء بتلك المراجعة. فهل يتوقع سعد الحريري أن يبادر الانتهازيون إلى مغادرة قريطم من دون حفلة طرد جماعية؟
ذات يوم، سأل أحد معاوني الراحل رفيق الحريري (وهو موظف رفيع المستوى الآن) سيد قريطم، عن سبب اختيار هذا أو ذاك من السيّئين. فهم الحريري السؤال بأنه انتقاد له، فردّ منفعلاً: إذا أتيت بأحد وتبين أنّه سيّئ، فهل أكون أنا السّيئ؟
هل قرأ سعد يوماً في كتاب أبيه؟.