إيلي شلهوبسال حبر كثير لتحليل ما أدى إلى تلك الحماقة التي ارتكبتها القيادة الجورجية وأدخلت العالم في مرحلة جديدة من الصراع الدولي. بعضه أراد استخلاص العبر منعاً لتكرار تلك التجربة المرة في أماكن أخرى، مثل «معهد بروكينز» الذي حدد «دروس جورجيا»، في ما يأتي ملخصه:
ـــ يجب الحذر من الالتزامات الأمنية: لا تتعهد بها إلا إذا كنت تعنيها. أن توفر التزاماً أمنياً لجورجيا ومن ثم تتراجع عنه يعطي رسالة إلى جميع الأخصام المحتملين بأن الولايات المتحدة ليست جدية.
ـــ لا تستفز الدبّ (الروسي) متوقعاً أن يطير النسر (الأميركي) للقيام بعملية إنقاذ: قام الرئيس الجورجي ميخائيل ساكاشفيلي بمجموعة من الأعمال، وأدلى بالعديد من التصريحات تقول لروسيا والولايات المتحدة «لتتقاتلا بعضكما مع الآخر من أجلي». بدا أن هدفه كان تشجيع البلدين على النظر إلى جورجيا على أنها هدف للعبة أمنية صفرية وحث الضمير الأميركي على دعمه. النتيجة كانت أن ساكاشفيلي ترك قواته لتواجه جيشاً روسياً غاضباً.
ـــ العلاقة البناءة بين الولايات المتحدة والقوى الكبرى تُعدّ عنصراً أساسياً لأمن الدول الهشة: أدى تدهور العلاقات الأميركية ـــ الروسية والازدراء الأميركي للمصالح الأمنية لموسكو على مدى العقد الماضي إلى وضع بدأت روسيا ترى فيه أن إعادة تحديد علاقتها مع الولايات المتحدة قليلة المخاطر، بل بالعكس كثيرة المنافع.
ـــ الجغرافيا مهمة: يجب على الدول الصغيرة الملاصقة لقوى كبرى ألا تنسى من هم جيرانها.
ـــ من الحكمة أن تتكلم بنعومة عندما لا تنوي أن تحمل عصا كبيرة: تصرفات الولايات المتحدة وتصريحاتها، التي عنت ضمناً أننا سندافع عن جورجيا بينما لم تكن لدينا الإرادة ولا نية القيام بذلك، بعثت بالرسائل الخاطئة. شجعت ساكاشفيلي على استفزاز الروس ومواجهة ردهم وحيداً. رأى الروسي في التحذيرات الأميركية مجرد خديعة.
والآن إليك التمرين الذهني الآتي: استبدل كلمة روسيا بسوريا. وجورجيا بلبنان. وساكاشفيلي بأي من قيادات «14 آذار» (يُفضل سعد الحريري). أعد قراءة النص السابق... واللبيب من الإشارة يفهم (ليس المقصود وليد جنبلاط!).