محمد أنيس النصوليحسناً فعل سعد الدين الحريري بتدارك الأمور في طرابلس. حسناً فعل بمدّ يد التعاون إلى الفاعليات الأصيلة للمدينة ولفصائلها المختلفة. لقد وضعت المصالحة حداً فاصلاً بين القوى الإقليمية خصوصاً، والتدخل في أمور لبنان. وأخذت منها مسببات الدخول إليه والسيطرة على مقدراته باسم حماية العالم من خطر الإرهاب اللبناني في الحاضر والمستقبل. ولكن هذا الخطر ما زال قائماً ما دامت الحالة الاقتصادية والاجتماعية للطوائف المسلمة في طرابلس، وبيروت، وصيدا يرثى لها. إنّ الفقر والعوز وقلة فرص العمل والأجور المتدنية، وعمالة الأطفال، والجهل والمرض لا تزال تسيطر على أحياء طرابلس وبيروت، وفقر صيدا يجعلها أرضاً خصبة للتعاليم المؤدية إلى الإرهاب، ومجالاً للسياسيين لتحويل بعض أهلها إلى متسولين من طريق المساعدات الكرتونية والرشوة الانتخابية. فسعد الحريري ورفاقه عالجوا الظواهر ولم يعالجوا الأسباب، فالسياسات الاقتصادية والاجتماعية القائمة منذ عام 1992 وتحويل بعض المساعدات العربية إلى سلاح للمتخاصمين قد شجعا على وصولنا إلى هذه الحال الاقتصادية والاجتماعية بيئة للتطرف والإرهاب. فما العمل؟ إن أفضل الطرق لإزالة هذه الأسباب هو الأخذ بسياسة حزب الله الحكيمة في تحويل الأموال التي حصل عليها من إيران إلى مؤسسات اقتصادية واجتماعية وصحية. حسناً تفعل جمعيات الشأن العام السنية مثلاً «اتحاد جمعيات العائلات البيروتية» الغارق في مشاكل وأنانيات أعضائه، إذا وضعوا أساساً لصناديق ومؤسسات تقوم بطلب والحصول على المساعدات العربية، أعني السعودية والخليجية، وإنفاقها على الأسس نفسها التي سار عليها حزب الله في إنفاق المساعدات الإيرانية. عندها نكون قد دخلنا في لبّ الموضوع وعملنا على وضع أسس نهضة اقتصادية واجتماعية وخيرية للطائفة السنية في لبنان تبعد طيف التطرف وسيف الإرهاب.