تشير الدراسات التي تجريها منظمات دولية إلى ارتفاع نسبة المصابين بأمراض قلبية في منطقتنا، ومن الفحوص التي أثبتت فاعلية في تحديد إمكان الإصابة بهذه الأمراض، فحص عُرف بـCRP، الأطباء الأميركيون يعتمدونه وينصحون المرضى باعتماد نظام حياة وقائي
غادة نجار
من أهم الفحوص التي تحدد إمكان الإصابة بأمراض قلبية، فحصٌ اعتُمد حديثاً نسبياً لهذه الغاية، ويعرف باسم فحص الـ C Reactive Protein test أوCRP. كما هو واضح من الاسم، فإن هذا الفحص يحدد نسبة البروتين المعروف باسم C Reactive Protein التي تدل بدورها على وجود التهابات في الدم، وقد كان المعنى الحقيقي أو ما يشير إليه وجود هذا البروتين بنسبة عالية مدار جدل وبحث بين العلماء لفترة طويلة، حتى اتضح أن نتائج هذا الفحص بالإضافة إلى نتائج ثلاث فحوص أخرى هي الـ Cholesterol و Triglycerides و Homocysteines تدل بما لا يقبل الجدل على مدى وجود استعداد لمشاكل وأمراض قلبية خطرة، إضافة إلى استعداد للإصابة بالسكتة. وبما أن فحص الـCRP يستخدم مؤشراً على وجود التهاب في الدم بسبب الروماتيزم أو الـ Lupus أو النزلة الصدرية أو غيرها، فإن اعتماده مؤشراً على وجود أمراض قلبية جعل الأطباء يلجأون إلى فحص يعرف باسم hs-CRP، أي فحص الـ CRP الشديد الدقة، من أجل تحديد موقع المريض ضمن المجموعات الثلاث التي يتوزع عليها من يظهر لديهم وجود نسبة ما من الـ CRP في الدم. هذه المجموعات تضع المريض في خانة الاحتمال الخفيف للإصابة بأمراض قلبية إذا كان معدل الـ hs-CRP دون الـ 1 مغ في كل ليتر في خانة الاحتمال المعتدل للإصابة بأمراض قلبية إذا كانت نتائج الفحص المخبري بين 1 و3 مغ/ل، وأخيراً في خانة الخطر من الإصابة بأمراض قلبية إذا تعدت نسبة الـ CRP 3 مغ/ل.
من الأسئلة التي تُطرح: هل يجب أن يصبح فحص الـ CRP فحصاً روتينياً؟ إن المؤسسات الصحية العريقة، ومن ضمنها مركزا Disease Control و American Heart Association تقدم مقاربة منطقية للإجابة عن هذا السؤال، حيث تؤكد أن الأشخاص الذين يعانون السمنة ويدخنون ولا يمارسون أي نوع من أنواع الرياضة هم الأكثر عرضة للإصابة بالأمراض القلبية، وأن فحوص الكوليسترول والتريغليسريد المعتمدة روتينياً تقدم في معظم الأحيان إجابة شبه كافية عن إمكان إصابة المريض بعلة قلبية. لكن في المقابل قد تكون نتائج هذه الفحوص شبه طبيعية، لكن الخطر موجود بسبب عادات المريض الصحية السيئة ووجود عامل وراثي أو مرض التهابات مزمن. في ضوء هذه المقاربة يمكن أن نحدد أن من تتوافر لديهم واحدة أو أكثر من العادات والعوامل المذكورة، يجب أن يجروا هذا الفحص مرة واحدة على الأقل من أجل تحديد موقعهم بين المجموعات الثلاث ومعرفة مدى احتمال إصابتهم بعلة قلبية.
إن وجود المريض في أي من المجموعات الثلاث يتطلب ـــــ بالإضافة إلى استشارة الطبيب المختص ـــــ تغييراً جذرياً لعاداته الصحية والغذائية والحياتية، فعليه أن يبتعد أولاً عن التدخين وتناول الكحول، كذلك يجب أن تصبح ممارسة الرياضة التي تناسب سنه ووضعه الصحي العام جزءاً من ممارساته اليومية، وعليه أن يعتمد على نظام غذائي تكثر فيه الخضار ويقتصر تناول اللحمة الحمراء على مرة واحدة في الأسبوع في حدٍّ أقصى، وأن يبتعد عن المعجنات على أنواعها ويقلل من تناول القهوة ويكثر من تناول اللحمة البيضاء، ولا سيما الأسماك الغنية بالـ Omega-3 مثل سمك السلمون.
إن مجموعة الأحماض الدهنية Omega-3 الموجودة في زيت السمك قد خضعت لتجارب ودراسات سريرية ليس آخرها الذي أجراه متخصصون في مستشفى كليفلند الأميركي، حيث اختيرت مجموعة من الراشدين الذين أظهرت الفحوص لديهم نسبة hs-CRP تتراوح بين 3 و10 مغ/ل في الدم، خضع أعضاء المجموعة لعلاج يتضمن فقط تناول حبوب من مكملات صحية Supplements تحتوي على دهني أوميغا-3 الأكثر فعالية ومصدرهما زيت السمك وهما الـ DHA و EPA وذلك لمدة ثمانية أسابيع. ثم أُجريت لهم بعدها فحوص الـ hs-CRP والكوليسترول والتريغليسريد، فتبين أن نسبها قد انخفضت بشكل مقبول. إن اعتماد المكملات الصحية، إضافة إلى جميع الإجراءت الأخرى أمر ضروري، لكنه يجب أن يترافق دائماً مع متابعة الاختصاصي المعالج للحالة، سواء كان المريض يعاني علة قلبية واضحة، أو التهابات في الدم بسبب أحد الأمراض الأخرى المسببة لارتفاع نسبة هذا البروتين.
ويجدر التذكير بأن العادات الحياتية السيئة ترفع نسبة الإصابة بالأمراض المختلفة كثيراً، لذا يصبح مفهوم الوقاية من المغريات المضرة بالصحة شرطاً أساسياً للحفاظ على جسد سليم شبه خال من الأمراض، وتكاد الأطعمة والمشروبات المضرة تكون أسهل ما يمكن الحصول عليه في أيامنا هذه.