عين الحلوة ــ خالد الغربيتنتشر في محلّة التعمير، وصولاً إلى أحياء مخيّم عين الحلوة، لافتات تتحدث عن التسامح الذي يدعو شهر رمضان الفضيل إلى التحلي به. لكنها لافتات لا تعكس واقع الحال: فالمتحاربون من «فتحاويين» و«جندويين» لم يهتدوا بعد إلى الصيغة التي تريح الناس من عبثية الجولات المتكررة للاشتباكات، التي تزامن آخرها مع غروب يوم الاثنين.
يقول الحاج أحمد البزري، الذي يملك محلاً لكهرباء السيارات في محلة التعمير: «طريق فلسطين لا تمرّ من التعمير ولا عبر ترويع أبناء مخيم عين الحلوة».
ورغم أنه من المتشددين في تأييد القضية الفلسطينية منذ طفولته، إلا أن البزري يفرّق «بين بندقية تقاوم وبندقية تخرب وتروع الناس».
في منتصف محلة التعمير اللبنانية، يدعونا أحمد حجازي لنشاهد آثار الرصاص الذي «دخل علينا دون استئذان وبكل وقاحة»، مضيفاً بتندّر «بلكي القذايف كانت صايمة وحبّت تفطر على سفرتنا» .
تتدافع النسوة فور ورود خبر وجود إعلاميين في الحيّ للتحدث معنا. يمطرننا بوابل من الدعوات: «الله يريحنا من هذا الوضع هبّة باردة هبّة سخنة» تقول إحداهنّ من آل وردة. تدعمها جارتها فوراً: «وين نواب المدينة وفعالياتها؟ تاركين الناس لمصيرهم. بس شاطرين يسمّعونا حكي ومواقف. ما في حلّ ولا فعل جدي».
تتدخّل امرأة ثالثة: «يا رب نلاقي بيت خارج المنطقة». في الشوارع الممتدة بين التعمير والمخيم مسلحون يجوبون الشوارع دون أن يكونوا في حالة استنفار، يحمون مقارّهم. في أياديهم، بدا السلاح صائماً عن إطلاق الرصاص، بينما استسلمت بنادقهم للقيلولة. أحدهم اتّهم الإعلام «بتضخيم الأمور».
في هذه الأثناء، يصل الحاج محمد عثمان. يضع أكياس الخضر التي ابتاعها جانباً ليحدّثنا عن «قرف» الناس، بينما يتساءل عن مواثيق الشرف وعن وعود المسؤولين الذين، باعتقاده، «مانّن مسؤولين عن شيء».
وبرغم المخاوف التي تقضّ مضاجع سكان عين الحلوة، إلا إن زائر المخيم يوم أمس لا يشعر بأن الوضع غير طبيعي على مستوى الحركة التي كانت شبه عادية وراحت تزداد مع ساعات الظهيرة وخروج الناس لتأمين مستلزمات الإفطار: فقد تكيّف الأهالي مع هذه التوترات التي أصبحت جزءاً من طقسهم اليومي وكما تقول الفلسطينية أم محمد الميعاري: «مش قصة إنو مش فزعانين، بس خلص، تعوّدنا يا خالتي. ما في بديل».
تجدر الإشارة إلى أن أهالي المخيم قد شيّعوا أمس من سقطوا خلال اشتباكات يوم الاثنين، حيث تم دفن العنصرين في جند الشام: عصام البقاعي وأحمد الحسن في مقبرة صيدا الجديدة في «سيروب» تفادياً لما قد يثيره دفنهما في مقبرة المخيم من احتمالات تجدد الاشتباكات، بينما رفضت عائلة السعدي دفن أبو ماهر السعدي قبل أن يتمّ تسليم منفّذي عملية قتله.