ينتظر حوالى 136 أستاذاً متعاقداً في الجامعة اللبنانية تفريغهم قبل بداية العام الجامعي. يصر الأساتذة على قرار سريع يلحقهم بزملائهم الذين تفرّغوا في أيار الماضي. وكانت أسماء هؤلاء قد حذفت في وزارة التربية أو لم ترفع أصلاً من الكليات رغم استيفائها الشروط الأكاديمية والقانونية
فاتن الحاج
سقط اسم الدكتور حسين كعور من لائحة المرشحين للتفرغ في الجامعة اللبنانية في اللحظة الأخيرة. لم تشفع له 18 سنة من التعاقد في كلية الآداب والعلوم الإنسانية ـ الفرع الخامس (صيدا) ليكون من بين المتفرغين الجدد المشمولين بقرار مجلس الوزراء في 5/5/2008. في ذلك التاريخ كان لا يزال في الخدمة وكان مناسباً، كما يقول، أن يفرّغوه قبل أن يصدر مرسوم تقاعده في 13/6/2008. «هيك كافأوا 45 سنة من الخدمة في التعليم الرسمي»، يشرح كعور في إشارة إلى فريقه السياسي الذي تخلّى عنه، بحجة أنّه سيتقاعد وغيره أحق منه. والمفارقة أنّ زميلاً له من تيار سياسي آخر تفرّغ قبل أن يخرج إلى التقاعد في 7/6/2008.
فإذا كان القانون ينص على تفريغ الأستاذ الجامعي بعد عامين على تعاقده بالساعة، فما الذي يبقيه سنوات في التعاقد حتى التقاعد؟. المشكلة يعزوها الأساتذة إلى سياسة التفريغ نفسها التي باتت مفتوحة على كل الاحتمالات بعد مصادرة مجلس الوزراء صلاحيات مجلس الجامعة. «شطب اسمي في وزارة التربية»، يقول الدكتور سليمان سليمان، المتعاقد منذ 8 سنوات في كلية الصحة ـ الفرع الرابع (البقاع). ويضيف بعد هنيهة «ربما لأنني لست الأكثر حظوة لدى السياسيين».
لكن، ثمة 86 أستاذاً حُذفت أسماؤهم من اللوائح التي رفعتها الإدارة المركزية إلى الوزارة، من أجل تفريغهم، فهل كان الانتماء السياسي خلف استبعاد كل هؤلاء؟ لا نعرف، ولكن في ما يخص سليمان، فإنه يؤكد أنّ «الأسماء استُبدلت هناك، في الوزارة». ويردف «بعض الأسماء الجديدة لم يمضِ على تعاقدها أشهر معدودة أو سنة واحدة على الأكثر. ومن المتفرغين الجدد من ناقش رسالة الدكتوراه بعد صدور قرار تفرّغه».
في المقابل، راوحت سنوات تعاقد الأساتذة «المشطوبين» بين 2 و10 سنوات. لكن قرار مجلس الوزراء الذي فرّغ 686 أستاذاً متعاقداً نص على حفظ حق هؤلاء. ومما جاء في القرار: «إذا اقتضت الخطة المطلوبة اقتراح عقود تفرغ جديدة تعطى الأولوية للمرشحين الذين تقدموا بطلبات ترشحيهم حتى تاريخه، والذين لم يشملهم قرار مجلس الوزراء الحالي».
إلّا أنّ ذلك لا يعني أنّ الإجراء بات ملزماً، يعقّب الدكتور حسين فحص، المتعاقد في كلية العلوم (النبطية)، لأنّ ما حصل في الملف لا يبشّر بالخير. «فتأييد المسؤولين لحقّنا المشروع يبقى كلاماً ما لم يترجم إلى قرار استلحاقي بزملائنا الذين يلتحقون بالجامعة كمتفرغين في الأول من تشرين الأول المقبل». لا يزال هناك، حسب سليمان، وقت كافٍ لإلحاقنا بالقرار، وخصوصاً أنّ جميع المسؤولين الذين نزورهم يقرّون لنا بهذا الحق، على حد تعبيره.
يطالب الأساتذة بمساواتهم بزملائهم الـ13 الذين ألحقوا بالقرار ليلة جلسة مجلس الوزراء وتقرر تفريغهم مع 673 آخرين في قرار واحد.
على صعيد آخر، يشمل ملف التفرّغ أيضاً نحو 50 أستاذاً يستوفون الشروط القانونية والأكاديمية، لكن كلياتهم لم ترفع أسماءهم هذه المرة إلى الإدارة المركزية. هؤلاء يطالبون أيضاً بحقوقهم، وإن كانت ملفاتهم تحتاج إلى دراسة في الإدارة.
لم يعد إغداق الوعود يشفي غليل الأساتذة غير المتفرغين لأنّهم أهل حق مسلوب «ولا سيما أنّ التبرؤ من ظلاميتهم أصبح اللغة السائدة عند أهل الحل والربط»، يقول سليمان. ومع ذلك يتعهد الأساتذة متابعة التحرك باتجاه الاتصال بالمسؤولين والفعاليات النقابية لاسترجاع الحق الذي سُلب منهم.


24 عاماً من التعاقد

مضى على تعاقد الدكتور خليل ضحوي في كلية الهندسة ـ الفرع الثالث في الجامعة اللبنانية 24 عاماً. رأس ضحوي خلال هذه السنوات مجموعات أكاديمية وأشرف على أبحاث علمية ومشاريع تخرّج. يؤكد أنّه جهد في الآونة الأخيرة للحصول على النصاب الذي يخوّله التفرّغ لكنّه لم يفلح. وبحجة النصاب، لم يرفع ملف ضحوي من كليته ليدرّس في الإدارة المركزية للجامعة. والمفارقة التي يتحدث عنها ضحوي أنّ أحد تلامذته تفرّغ رغم أنّ نصابه لم يكن كاملاً «تفوق التلميذ على أستاذه بالواسطة»، يقول. من جهة ثانية، يطالب بعض الأساتذة المتعاقدين الذين لم يشملهم التفرّغ الأخير بإنصافهم، لكونهم قد خسروا ساعاتهم التي أخذها المتفرغون الجدد. وهم يريدون استرجاعها لحفظ حقهم بالتفرّغ.