فايز فارسبدأ قادة لبنان وزعماؤه لقاءاتهم حول طاولة حوار مستطيلة هذه المرّة وبرئاسة فخامة رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان. هناك ثلاث نقاط تستحق الإشارة إليها:
أولاً في الشكل، لأن من يترأس جلسة الحوار الوطني هذه المرّة إنما هو رئيس البلاد الذي حاز ثقة الأغلبية الساحقة لدى شعب تحمّل ما لا يطاق منذ أربعين سنة متواصلة، وقبل إقرار المرجعيات الوطنيّة والإقليميّة والدوليّة بصوابية انتخابه رئيساً للجمهورية اللبنانية. ثانياً في المضمون، لأن المسألة الوحيدة التي سيجري التطرق إليها ومعالجتها هي الاستراتيجية الدفاعيّة. هنا لا بد لنا من استباق موعد الجلسة وتهنئة الرئيس العماد ميشال سليمان على صبره الطويل ورباطة جأشه وقدرته الفائقة على استيعاب الجميع وبخاصة من ليس له علاقة لا من بعيد ولا من قريب بوضع ورسم استراتيجية دفاعية، التي هي في الأساس من اختصاص العسكريين المتخصصين والجغراسيين الكبار ورجال العمل الميداني المقاوم والإعلاميين المتخصصين بالتعبئة الشعبية.
ثالثاً في عملية المواكبة، لأن الشعب اللبناني دُهش حتماً عند مشاهدته شريط التعازي باغتيال بطل من أبطال المصالحة الوطنية الشيخ صالح العريضي، كما استوقفته تلك المواقف السياسيّة الجريئة التي أعلنها بعض قادة السياسة اللبنانية خلال زيارات قاموا بها إلى مدن ومناطق بهدف إطفاء نار كانوا قد أشعلوها، وإلى مرجعيات سياسيّة سبق لهم أن خاصموها فحاصروها واتهموها وهدّدوها.
لذا، أفهم أن يقف المواطن اللبناني موقف الحذر الشديد من هذه المظاهر التي تدعو بديهياً إلى التفاؤل، لأنه اكتوى بنار الكذب والخداع والنفاق خلال أربعين سنة مضت، وحال لسانه يقول: «ما تقول فول تيصير بالمكيول... ويصير فينا ناكل منو».
وبالعودة إلى طاولة الحوار، من شبه المؤكّد أن يكون الرئيس سليمان قد رحّب بالمشاركين أفضل ترحيب وسأل كل واحد منهم عن قدرته وكفاءته وأفكاره واقتراحاته التي سيحتاج إليها فريق العمل الذي سيكلّف وضع استراتيجية دفاعيّة لبنانية «حرّة سيّدة مستقلّة» تحاكي استراتيجيّة أميركا الاستفزازية في مواجهة «الخطر السوفياتي».
ولا بدّ أن يكون سليمان قد دعاهم إلى القبول بتكليف مؤسسة الجيش اللبناني، إجراء الدراسات الميدانية بهدف وضع استراتيجية دفاعية حقيقيّة تؤمّن للبنان سلامته وتطمئن شعبه وتتناغم مع محيطه وتحميه من عدوه الرابض على حدوده الجنوبية.