بعلبك ــ علي يزبك«مكب الكيال» أو المحرقة أو بركان التلوث الملتهب، أوصاف كثيرة تطلق على «تلة الكيال» التي كانت في غابر الأزمان مقلعاً بنيت من حجارته، لا أقل من... قلعة بعلبك! وفي لحظة خاطئة قبل 50 عاماً، رمى أحدهم النفايات هناك، فتحول المكان إلى مكب عشوائي يتسبب بمآسٍ إنسانية وبيئية باتت آثارها جلية على سكان الأحياء القريبة. فهؤلاء دأبوا على التحرك كل فترة، فاعتصموا، وقطعوا طريق الشاحنات المحملة بالنفايات ومنعوها من إفراغ حمولتها. لكن الأمور انتهت دائماً بتهدئة الخواطر واتخاذ «إجراءات» مؤقتة من نوع تغطية النفايات بالأتربة أو نقل مكان الحرق من جهة إلى أخرى، وفق ما يقول أبو علي خير الدين. يؤكد الرجل لـ«الأخبار» أن «الحياة باتت لا تطاق هنا. بدأ الأمر قبل 50 عاماً بإدخال شاحنة واحدة من النفايات، أما اليوم فإن أكثر من أربعين طناً تُلقى وتُحرق. هكذا تبقى النيران مشتعلة على مدار الساعة»، ما يتسبب بـ«دخان قاتل لا يمكننا التعايش معه»، وفق فاتن عواضة التي تؤكد أنها تجفف الغسيل «داخل المنزل، لأن نشره في الخارج يعني اتساخه مجدداً»، بالإضافة إلى مشاكل الأمراض الصدرية التي باتت تصيب الأطفال. ويشدد مصطفى طه على أن هناك «مساعي جدية من بلدية بعلبك للتخفيف من الأضرار الناجمة عن المكب». وهي عمدت في «الفترة الأخيرة إلى حصر المكب في نقطة محددة بعيدة نسبياً على الأحياء السكنية، وغطّت الأمكنة الأخرى بالأتربة وزرعت أشجاراً حرجية، ولكن هذا الأمر لا يكفي، لأن الحل هو بإزالة المكب نهائياً».
هذا ما يؤكده رئيس بلدية بعلبك بسام رعد، الذي أكد أيضاً أن إقفال مكب الكيال أمر حتمي. «وقد باشرنا بمشروع إقامة معمل فرز النفايات وتسبيخها في الطيبة (قرب بعلبك) في إطار برنامج «آرال» الممول من الاتحاد الأوروبي». كلفة المشروع تصل إلى مليوني دولار. لكن ما ينقصه هو «جورة طمر صحي للناتج النهائي. ونحاول تأمين المبلغ المطلوب من الجهات المانحة». أما وزارة التنمية الإدارية، فهي تعد مناقصة لتلزيم الأشغال لمعمل الفرز والتسبيخ، كما قال. أما بخصوص جورة الطمر الصحي فسيكون موقعها إلى جانب المعمل «وحصلنا على موافقة وزارة البيئة، وهناك وعود بتمويلها».
ورأى رئيس لجنة البيئة في بلدية بعلبك أكرم مرتضى أنه وبموازاة تنفيذ المشروع «سندرب الناس للقيام بفرز منزلي للنفايات تسهيلاً لإعادة تدويرها في الطيبة. أما مكب الكيال فسنعمل على تفريغه تدريجاً حيث سنزرع الأشجار الحرجية في الجزء الباقي الآن أسوة بالأجزاء الشمالية والغربية التي بات عمر الأشجار الحرجية فيها عدة سنوات».