«لا حصانة للنائب فريد حبيب» قال الوزير السابق سليمان فرنجية أمس تعليقاً على اشتباك وقع ضحيته قتيلان وثلاثة جرحى في الكورة. واشتبه بأن مرافقي حبيب من بين مطلقي النار. التحقيق ما زال جارياً، وحال من الترقب تعمّ الشمالأجواء من القلق والحذر سادت منطقة الكورة، وبلدة بصرما بالتحديد، بعد الاشتباك الذي وقع بين أفراد من تيار المردة وآخرين من حزب القوات اللبنانية فجر أمس، وأدى إلى مقتل شخصين وجرح ثلاثة آخرين. وخلت البلدة صباحاً من أي حركة، باستثناء تحركات الجيش اللبناني وقوى الأمن الداخلي. وقائع الاشتباك تعود إلى الساعة 12:30 من فجر أمس، عندما وقع خلاف بين أفراد من «القوات اللبنانية» وآخرين من تيار المردة والحزب السوري القومي الاجتماعي، بسبب محاولة أفراد من القوات تعليق صورة لرئيس الهيئة التنفيذية في الحزب سمير جعجع مقابل مركز المردة في بصرما. لم تُعلّق الصورة. وبعد نحو ساعة، عاد أفراد من القوات لتعليقها في المكان ذاته. في هذا الوقت، يقول مسؤول كبير من المردة: «أبلِغت مديرية استخبارات الجيش بما جرى أكثر من مرة، وطُلِب منها التدخل لنزع فتيل الخلاف، إلا أنها لم تستجب». وتزامن ذلك مع قدوم مسؤول مركز المردة في بصرما يوسف فرنجية إلى المكان، فأبلغه رفاقه بما جرى. خرج فرنجية من المركز والتقى أفراد «القوات» الذين أرادوا رفع الصورة. وبعد قليل، حصل تلاسن بينه وبينهم، وتزامن مع إطلاق نار سقط فيه يوسف فرنجية (من المردة) وبيار إسحق (من القوات) وجُرِح كل من المعاون أول في قوى الأمن الداخلي ميشال مخايل والمسؤول في القوات اللبنانية منصور طوق وإلياس بو حبيب، المرافق الشخصي لعضو كتلة القوات النيابية فريد حبيب.
رئيس تيار المردة، الوزير السابق سليمان فرنجية، حمّل في مؤتمر صحافي النائبَ حبيب المسؤولية المباشرة عن «اغتيال» مناصره، وأعطى للسلطات القضائية مهلة لتقديم نتائج التحقيق، مشيراً إلى أنه «مع ترطيب الأجواء، لكن إذا كان هناك تلكؤ في هذا الموضوع كل واحد بيشوف مصلحته». وكشف رئيس تيار المردة أن «يوسف فرنجية ظهر قبل نحو شهرين في وثائقي على محطة الـOTV عن مجزرة إهدن التي وقعت عام 1978، وقال إنه هو من أصاب سمير جعحع خلال الهجوم على إهدن. فما هي الصدفة التي بعد شهرين قتل هذا الشخص؟ هل هي صدفة؟ أم هو أمر مقصود؟ أم هو استدراج؟ الخلاف استمر ثلاث ساعات لم تطلق فيه النيران إلا على يوسف بعد وصوله إلى المكان. وأنا أكرر القول، نحن اليوم في 17 أيلول والتحقيق الأولي يصدر بعد عشرة أيام. سنمهل الدولة خمسة عشر يوماً أو شهراً لصدور نتائج التحقيق الأولي ونرى ماذا سيحصل. وبنتيجة هذا التحقيق سنعرف كيف نتصرف. وأقول: بعد الآن لم يعد بإمكان أحد أن يتحدانا في منزلنا». وأضاف فرنجية أن المسؤولية يجب ألا تقتصر على حراس النائب حبيب، ويجدر عدم التذرّع بأن الأخير يتمتع بحصانة نيابية، «فهو ليست لديه حصانة عندنا».
بالمقابل، رد رئيس الهيئة التنفيذية في القوات اللبنانية على فرنجية بالقول إن مقتل شاب من القوات وجرح ثلاثة ينفي وجود نية لاغتيال فرنجية. ورفض جعجع ربط الحادث بما أوردته قناة OTV قبل شهرين قائلاً: «بالنسبة إلينا أكل الدهر وشرب على حادثة (مجزرة إهدن) وقعت قبل ثلاثين عاماً». واستغرب جعجع «استباق فرنجية للتحقيق وتوجيه التهديد إلى النائب فريد حبيب»، مشيراً إلى أن «التحدّث عن مسؤولين عما جرى يعني أننا كلنا مسؤولون». ورأى جعجع أن ما جرى في بصرما لم يكن حادثاً سياسياً، مقترحاً «سيطرة الجيش ليصار إلى منع التجمعات الحزبية حتى في المراكز الحزبية ومنع السلاح، لأن حياة إنسان واحد أهم من كل المراكز الحزبية، وعلينا التحلي بالحكمة والروية».
وقبل حديث جعجع، أصدر النائب فريد حبيب بياناً اتهم فيه الوزير فرنجية بـ«محاولة الضغط على القضاء اللبناني بهدف توجيه التحقيقات نحو ما يشوه حقيقة ما حصل». ورأى أن «تحديد مهل والتلويح بإجراءات شريعة الغاب لن ينفع»، محملاً فرنجية «مسؤولية أي أذى يصيب أياً من الرفاق». واتهم حبيب القتيل فرنجية بأنه «مسؤول الحراسة في منزل النائب السابق فرنجية، وأنه قدم إلى مكان الجريمة برفقة عدد من مرافقيه الذين اتخذوا مواقع قتالية على سطح مركز المردة في بصرما». ورد حبيب على اتهام القوات بأنها دبرت اغتيال يوسف فرنجية بالسؤال عن إمكان «أن يكون شباب «القوات» قد أعدوا خطة لاغتيال يوسف فرنجية وتعرضوا، في الوقت نفسه، لأن يسقط من بينهم شهيد و3 جرحى». وطالب حبيب بألا تقتصر مسؤولية ما جرى «على مسؤول الحرس (يوسف فرنجية)، بل يجب أن تطال معلمه الذي أعطاه الأوامر بالتوجه إلى بصرما».
ورد الحزب السوري القومي الاجتماعي على ما ورد في بعض وسائل الإعلام عن دهم أحد منازل القوميين في الكورة غسان غازي ومصادرة كمية من الأسلحة على خلفية حادث بصرما، مشيراً إلى أن غازي استدعي إلى مخفر أميون على خلفية شكوى قدمها ضده مسؤول القوات اللبنانية المدعو محسن نصير وأن الاستدعاء لا علاقة له بالحادث.
واستدعت الحادثة ردود فعل سياسية أجمعت على استنكار ما جرى، وأجرى عضو الأمانة العامة لقوى 14 آذار ميشال معوض اتصالين بكل من فرنجية وجعجع، مؤكداً «استعداده التام للقيام بأي مسعى يسهم في تطويق الحادث وذيوله وتنفيس الاحتقان». وفيما استغرب رئيس المركز الوطني في الشمال، كمال الخير، تعليق عناصر أمنية رسمية صوراً وشعارات سياسية، أصدرت المديرية العامة لقوى الأمن الداخلي تعميماً منعت فيه أفرادها من «التدخل بالشؤون السياسية والبقاء على مسافة واحدة من جميع الأفرقاء»، تحت طائلة اتخاذ التدابير المسلكية والقانونية بحقهم. وفي السياق ذاته، وبعد تنسيق مجلس الأمن المركزي معه، أصدر وزير الدفاع الوطني قراراً بتجميد العمل برخص السلاح في منطقة الشمال.
(الأخبار)


حرب تعليق وتمزيق صور

زار مفوّض الحكومة لدى المحكمة العسكرية القاضي جان فهد عصر أمس ساحة جريمة بصرما، وأعطى توجيهاته للأجهزة الأمنية التي تعمل بإشرافه.
وقال وزير العدل الدكتور إبراهيم نجار لـ«الأخبار» إن التحقيقات الأولية تشير «للوهلة الأولى إلى غياب أيّ تورط لأفراد من الحزب السوري القومي الاجتماعي في إطلاق النار»، مشيراً إلى أن توقيف أحد أفراد الحزب يتعلّق بخلاف حصل قبيل الاشتباك
المسلّح.
وفيما تقاذف تيار «المردة» وحزب «القوات» المسؤولية عن الاشتباك، ذكرت مصادر مطلعة على التحقيق أن التركيز يجري على محاولة تحديد الطلقات النارية التي أوقعت القتيلين والجرحى الثلاثة، الذين أصيب أحدهم بسبع رصاصات، لمعرفة الأسلحة التي أطلِقَت منها النار. وتجدر الإشارة إلى أن القطعة القائمة بالتحقيق ضبطت مسدساً حربياً من نوع «هيرستال»، وهو النوع الذي يستخدمه أفراد القوى الأمنية وضباطها.
وفيما رأى المحققون في بداية التحقيق إمكان أن يكون القتيلان قد سقطا برصاص شخص ثالث لأن جثتيهما كانتا متلاصقتين، فإن التدقيق في الأمر أوصل إلى أنهما كانا يتعاركان عندما أطلق كل منهما النار على الآخر، فبدأ الاشتباك الذي أصاب الجرحى الثلاثة. وأعلنت المديرية العامة لقوى الأمن الداخلي إجراءَها، مع المديرية العامة لأمن الدولة، تحقيقاً مسلكياً إلى جانب التحقيق القضائي، لمعرفة سبب وجود المعاون أول ميشال مخايل في مكان الاشتباك، علماً بأنه مفصول إلى المديرية الثانية ويعمل مرافقاً للنائب فريد حبيب. ورجّحت مصادر التحقيق أن السبب الرئيسي للخلاف والاشتباك اللاحق يتعلّق برفع الصور والشعارات الحزبية، مشيرة إلى أنه يبدو أن «أفراد القوات، عندما أرادوا إعادة رفع الصور، أحضروا معهم المعاون أول للاستقواء به لأنه رجل أمن».