ميساء منصوركم يسهل عليهم ترويضنا ونحن معصوبو الأعين، يسبقنا حدسنا إلى طعامنا، فقد أصبح هدفنا الأسمى، فنشمّ رائحة الشواء المنبعثة في الأصل من جلودنا التي تُشوى على نار هادئة، تحضيراً لوليمة تقدم قرباناً في حلقة المشعوذين الملتفّين حول كرة الطالع لتنبئهم بالطبق المناسب، ليُشبعوا به غريزة لامتناهية التخريب.
كلٌ يشغل مكانه في طوابير التهلكة. واأسفاه! هوينا نحو قاعٍ أبَتْ قوارب نجاتنا أن تنتشلنا منه، فقد بُترتْ كلّ الأيدي وتُرِكنا لمجهولٍ ينهشنا في الأعماق، لا يرى منّا سوى وميض دمع وقلب ينبض بالمناجاة الخرساء قابعاً في الظلمات، ينتظر نور معجزة تعيده إلى رشده فيطفو على سطح الأمل ليستنشق هواء الغد. قلّما تحصل المعجزات، وإن حالف الحظ هذا الغريق الحي، واستعاد حياته، من المؤسف أنه سيجد نفسه بعيداً عن شط الوطن قريباً من كامل بقاع الأرض. بعد اليوم، لا نضال إلا من أجل التنفّس، ولا تمرد إلا من أجل حاجتنا للعيش. وكل مفاهيم الاستقلالية استقلّت حافلة الزمن العائد إلى يوم كانت تتردد فيه الشعارات على شفاه المناضلين. رؤساؤنا اليوم يستريحون في محطات الخمول ليبدّلوا جلودهم ويلبسوا ثوب الأنانية لينطلقوا بعزيمة أسد طال صومه. ونحن طريدة شيّد لها قصر على مفترق طرق الرغبات يسيل من أجله لعاب كل المارّة فيرتجف خوفاً من لعنة أوّل مَن يخونه فيها هو مَن يحميه.
«ما أكثر الضعفاء الطرائد، وما أكثر أمّة الغول».