رامي زريقهل تذكرون جنين؟ مخيم الفقراء الذين قتلتهم إسرائيل ودمرت مساكنهم الهزيلة بملّالاتها، دافنة جثثهم تحت الحطام عام 2002؟ حوّلت إسرائيل المخيم إلى ساحة جرداء ثم أعلنت انتصارها على التطرف والإرهاب، وجيّشت ماكينتها الإعلامية لإقناع العالم بأنه لم يكن هناك مخيم، ولا أهالٍ، بل كانت البيوت تؤوي «مشاريع انتحاريين» فقط. تعود إلينا اليوم الماكينة ذاتها لإقناع العالم بأن تدمير المخيم كان لمصلحة الفلسطينيين! فقد أوردت صحيفة النيويورك تايمز خبراً عن مشروع يُنفّذ على ركام المخيم بالتعاون مع السلطة الفلسطينية والجيش الإسرائيلي. تُنشأ بموجب هذا المشروع مزارع هدفها إنتاج المحاصيل العضوية ذات القيمة المضافة العالية بهدف تصديرها. وتوزعت الأدوار كالآتي: يقوم مزارعون فلسطينيون بالأعمال الزراعية، ويتولى وسطاء إسرائيليون مهمة التصدير. كل هذا تحت رقابة شرطة السلطة الفلسطينية.
تمثّل هذه الشراكة، حسب مسؤول رفيع في السلطة، نموذجاً ناجحاً لمستقبل العلاقات الإسرائيلية ـــ الفلسطينية.
يلخص هذا المشروع مستقبل التعايش الفلسطيني ـــ الإسرائيلي كما يراه «المجتمع الدولي» المنفتح والمحب للسلام. ففي البداية يجب سحق التطرف وتدمير بؤر الفقر وتحريرها من سكانها. ثم يجب تحويلها إلى مراكز لإنتاج زراعات عضوية معدّة للتصدير على يد فقراء لا يستطيعون شراء ما ينتجون، على أن تُسند مسوؤلية القمع لسلطة مرتهنة، وأن يكون لرجال أعمال إسرائيليين الدور البارز في التجارة وكسب المال. هكذا يبقى الشعب الفلسطيني ذليلاً، ومحكوماً بالفقر والسلاح، ومعتمداً على إسرائيل في غذائه واحتياجاته الأساسية.
كم هم ساذجون أصحاب هذه الرؤية وكم هم سخفاء.
ألا يدرون أن المقاومة تنبت عضوياً من تحت حطام بيوت الفقراء؟