عمر نشّابةتحشر الدولة آلاف الموقوفين في سجن رومية المركزي الذي لم يكتمل بناؤه بعد منذ ستينيات القرن الماضي. في السجن موقوفون ومحكومون بجرائم قتل وسرقة ونشل وترويج المخدرات والاتجار بها وغيرها من الجرائم. كما أن في السجن عشرات الأجانب المحكومين بمخالفة قوانين الإقامة ودخول البلاد خلسة، ومئات المحكومين بتزوير معاملات مصرفية. وفي رومية ضباط ومدنيون موقوفون في جرائم سياسية وعشرات المحكومين بالإعدام أو بالسجن المؤبّد. وفي رومية أبرياء حتى تثبت إدانتهم وأبرياء قد لا تثبت إدانتهم، وأبرياء ثبتت إدانتهم إعلامياً وسياسياً قبل أن تنعقد جلسات المحاكمة.
وفي السجن عشرات من رجال قوى الأمن الداخلي يحاولون البقاء على قيد الحياة بكل ما أوتوا من أساليب. فهم ليسوا مؤهّلين للقيام بواجباتهم من دون ثقل مسدّس على خواصرهم، ولا علم لهم بمنهجية تطبيق المهمة الموكلة إليهم.
في سجن رومية «دبّر حالك يا عسكر»...
سجن يشبه مجمّعاً سكنيّاً ضخماً في إحدى جمهوريات الاتحاد السوفياتي البعيدة عن موسكو بعد انهياره. غير أن رومية لا تبعد عن بيروت أكثر من 8 كم، لكنّ زائر السجن فيها يشعر بعد زيارته بأن الطريق إلى العاصمة تطول وأن المكان الذي زاره ليس سجناً لإصلاح السلوك المخالف للقانون، بل برّاد زراعي رغم الحرارة المرتفعة والرطوبة، ومشتل للجريمة المنظّمة، رغم قلّة النور والمياه.
في سجن رومية الناس سواسية كأسنان المشط. بعضهم محكوم يقيم في مبنى مخصّص للموقوفين ليستبدلهم موقوفون في مبنى المحكومين. وبعض غرف السجن لا تختلف عن سواها إلا في النظافة والأثاث والتجهيز والجدران والأبواب والمراحيض. الناس سواسية كأسنان المشط، فمنهم من يسكن في غرف واسعة يزيد عديدها على مئة، ومنهم من يقيم في علبة السردين. في سجن رومية من يسجّل الأهداف الإلكترونية ومن يقطع رأس الوحش الرقمي ومن يطير فوق بساط الريح عبر الشاشة الملوّنة. في سجن رومية يعاني بعض السجناء آلاماً في أصابعهم من كثرة اللهو في الـPLAY STATION، ويشكو آخرون من آلام في عيونهم لكثرة مشاهدة الأفلام عبر الـDVD والأقمار الاصطناعية.
في أكبر سجون لبنان، شاب يؤرّخ يومياته، وآخر يصلّي، وثالث ينتظر موعد الإفطار ويلهو.