إيلي شلهوبتبدو المقارنة ظالمة بين غولدا مائير وتسيبي ليفني، رغم أوجه التشابه الكثيرة بينهما. ولا نتحدث هنا عن الشكل الخارجي. صحيح أن صفة «المرأة الحديدة» تجمعهما، ومعها توليهما وزارة الخارجية، بل حتى رئاسة الحكومة إذا صدقت التوقعات. لكن زمنهما ليس نفسه؛ إسرائيل ما عادت كما كانت، ومحيطها لم يعد هو نفسه. أيام مائير، التي كانت «الرجل الوحيد» في حكومة ديفيد بن غوريون، «لم يكن هناك شعب فلسطيني. فقط لاجئون فلسطينيون». السؤال عن إعادة الأراضي المحتلة لم يكن مطروحاً فـ«ليس هناك من يمكن إعادتها إليه». كانت إسرائيل في أوج انتصاراتها (تسلّمت رئاسة الحكومة بعد نحو عامين على نكسة الـ1967)، وكان لديها «سلاح سري في حروبها مع العرب وهو أنه ليس هناك خيار آخر».
أما ليفني، «العاقل الوحيد» في حكومة أيهود أولمرت قياساً بتعاطيها مع عدوان تموز، فهي تعيش في عالم مختلف؛ ليس هناك شعب فلسطيني فقط، بل صواريخ فلسطينية تصل إلى عسقلان بالحد الأدنى. وهناك شعب آخر «استردّ» أرضه «بالقوة». بل أكثر من ذلك، هي تستعد لتولي رئاسة الحكومة بعد نحو عامين على أولى هزائم إسرائيل؛ حتى «السلاح السري» لم يعد ذا جدوى. وعوضاً عن مواجهة جمال عبد الناصر المهزوم أو أنور السادات التوّاق لزيارة القدس، تواجه ليفني محوراً يزداد قوة، عمقه الاستراتيجي يصل إلى إيران.
قال أحدهم ذات مرة إن التاريخ لا يكرر نفسه إلا عند الشعوب الغبية. وعندما يفعل، يكون مرة على شكل ملهاة ومرة على شكل مأساة.
مائير رفضت «المبادرة» التي عرضها عام 1969 وزير الخارجية الأميركي آنذاك وليام روجرز وسميت باسمه. كانت أول تعبير عن رغبة أميركية في حل الصراع العربي ــــ الإسرائيلي على قاعدة «الأرض مقابل الأمن». كانت النتيجة حرب 1973.
تصلّب بنيامين نتنياهو وجبن أيهود باراك أطاحا مبادرات بيل كلينتون لتسوية سورية ــــ إسرائيلية، فكان التحرير لعام 2000 (المهزلة). أما عجرفة أرييل شارون وضعف أولمرت فأطاحا «المبادرة العربية» لعام 2002، وكانت حرب تموز (المأساة).
لم يتحدث الرجل عن مرة ثالثة. يبقى معرفة رأي ليفني.