عباس النوريقبل أيام، نشرت أنباء عن التجسس على القيادات العراقية، وبالخصوص على رئيس الحكومة نوري المالكي، أعقبتها تصريحات عن احتمال حصول انقلاب عسكري لإطاحة رئيس الوزراء نوري. واليوم، تتسرب أخبار عن إمكان اغتيال المالكي… وعلى يد الأميركيين
بالتحديد. بعض حكام العالم أنجزوا مهماتهم لسنين طويلة في خدمة الولايات المتحدة الأميركية وأجهزتها الأمنية. ومن هؤلاء من تنحّى، ومنهم من قتل بحادث، وآخرون بقرارات برلمانات دولهم… والبعض من خلال انقلابات عسكرية، لكن السيد المالكي لم ينفذ الأوامر إلا في الأشهر الأولى لتوليه السلطة العرجاء والعوجاء…
السيد نائب رئيس الجمهورية العراقية عادل عبد المهدي أول من صرح بإمكان حدوث انقلاب عسكري مع أن المالكي هو القائد العام للقوات المسلحة… واليوم صرح الدكتور أحمد عيد الهادي الجلبي وبوضوح أن الانقلاب العسكري ممكن جداً، ولكن بقيادة سياسي شيعي… مع أن الظنّ كان لدى البعض أن من يهمّهُ أمر الانقلاب هم القيادات السنية… لكن كانوا على خطأ.
هل تتجرأ الولايات المتحدة الأميركية على اغتيال السيد نوري المالكي، وهل سوف تسكت الأطراف السياسية الأخرى عن هذا العمل… أم هناك تسابق بين الأحزاب النافذة لكسب رضى الأميركيين ولا يكترثون لمن يقتل أو ينحّى. أم هل يمكننا القول إن الطريقة الشيعية لقيادة البلد فشلت منذ البداية حتى الآن… وأنهم غير قادرين على ممارسة السياسة؟
وهل ما جرى في البرلمان العراقي بخصوص سفر الدكتور مثال الألوسي لإسرائيل محاولة إثبات متأخّر بأنّ حكام العراق بعد 2003، معادون لمّا خطط له الأميركيون منذ فترة قبل الغزو؟ ألم يكن المخطّط يقوم على جعل العراق جسراً لتحقيق استراتيجية الشرق الأوسط الجديد؟
ألم تكن إحدى أهم النقاط التي وضعتها الولايات المتحدة لدعم القيادات الحديثة هي عدم عدائهم لإسرائيل وعدم الحديث عن أمة عربية واحدة ذات رسالة خالدة…
أم إنهم يلعبون على مئة حبل وحبل، ويتصورون أنه ممكن مغازلة الأميركيين من جهة ومخالفتهم من جهة أخرى؟
في اللحظات الأولى بعد تنصيب السيد نوري المالكي رئيساً للوزراء، سمعت جورج بوش يقول: «المالكي رجل أميركا». ولكن المالكي صرح مستعجلاً «لست رجل أميركا… بل أنا عراقي».
أكثر المصائب تعاقبت على الشعب العراقي الذي ليس له ناصر ولا معين… فلم تهدأ أصوات الطائفية والحرب الداخلية. وبعد الجهد الذي بذلته «الصحوات»، يحاول الجميع التخلص منهم بأي طريقة، وإنشاء «مجالس إسناد»، لأن لكل اسم معنى وتوجهاً معيناً بل ارتباطاً خاصاً.
حاول العراقيون تنفس الصعداء بعد الانتهاء المزيف أو المصطنع من الحرب الداخلية حتى أشعل فتيل الحرب القومي، وحاول البعض قتل روح التلاحم بين العراقيين الكرد والعراقيين العرب. وكان ذلك من خلال اتفاق أطراف برلمانية، حسب توجه قياداتها والضغط الخارجي، إقرار قانون الانتخابات، ولم يزل الوضع في أوج ثورته. اختُلق موضوع الانقلاب العسكري أو اغتيال المالكي.
هذه الشائعة تتعدى الهدف الواحد، فقد تتكاثر الاغتيالات لتحصد أرواح قيادات كثيرة وتعلن حينها الولايات المتحدة حالة طوارئ قصوى، وتحتل السلطة والدولة كما هي محتلة الوطن، وتعيّن حاكماً قوياًَ جشعاً متعطشاً للدماء، دكتاتوري المنشأ والعقيدة والروح، ليحرق الأخضر بسعر اليابس. ولا يمكن لأي قوة أن تقف أمامه لأنه مستند ومسنود على أكبر قوة في العالم.