وسام اللحاميظل الابتزاز هو السمة البارزة للسياسة في لبنان. ومن تجليات هذا الواقع المرير هو طرح البعض فكرة استحداث منصب نائب لرئيس الجمهورية، وذلك كردّ مبطن على مطالبة البعض بمنح صلاحيات إلى رئيس مجلس الوزراء.
وهكذا، يتضح لنا كيف أن الذهنية المتحكمة بمعظم الطبقة السياسية في لبنان تقوم على الكيد والاستئثار. فالذي يرفض أن يتحول رئيس مجلس الوزراء إلى «شرابة خرج» لماذا يرضى في الوقت نفسه أن يصبح رئيس الجمهورية شرابة خرج لكن مع لقب الفخامة؟
فالذي يجهله هؤلاء الجهابذة أن منصب نائب رئيس الجمهورية غير موجود إلا في الأنظمة الرئاسية حيث تناط السلطة التنفيذية برئيس الجمهورية، مما يؤدي إلى شلل خطير إذا شغر منصب الرئاسة لسبب ما دون وجود من يملأ هذا الفراغ فوراً وسريعاً.
أما في البلدان التي تتبع النظام البرلماني مثل لبنان، فلا حاجة لوجود موقع كهذا، لأن الحكومة هي التي تتولى السلطة الحقيقية. وهذا ما أكدته المادة 17 الجديدة من الدستور اللبناني التي أناطت السلطة التنفيذية بمجلس الوزراء. وفي حال شغور منصب رئاسة الجمهورية، تنتقل صلاحيات الرئيس إلى مجلس الوزراء حسب ما تنص عليه أحكام المادة 62 من الدستور.
وهكذا يستمر عمل المرافق العامة طبيعياً ريثما يُنتخب الرئيس الجديد. وفي فرنسا حيث يتمتع رئيس الجمهورية بسلطات واسعة لا وجود لنائب له. فالمادة السابعة من دستور الجمهورية الخامسة الصادر سنة 1958 تنص على أنه إذا شغر موقع رئيس الجمهورية لأي سبب كان، تنتقل صلاحيات هذا الأخير إلى رئيس مجلس الشيوخ. وإذا تعذر أيضاً على رئيس مجلس الشيوخ ممارسة صلاحيات رئيس الدولة تحل الحكومة محله في تأدية هذه المهمة.
يتبين لنا إذاً بشكل واضح وجلي، أن لبنان لا يحتاج إلى نائب لرئيس الجمهورية بل هو في حاجة ماسة إلى تحويل مجلس الوزراء إلى مؤسسة تستطيع أن تؤدي دورها بفاعلية في مختلف الظروف، حتى في ظل غياب رئيس مجلس الوزراء، مما يستتبع حكماً ضرورة إعطاء نائب رئيس الحكومة صلاحيات تخوّله ممارسة دور كهذا عندما تقتضي الضرورة ذلك.