هل تُكرَّس الهبات بديلاً عن واجب الدولة في دعم المدرسة الرسمية وتطبيق قانون إلزامية التعليم ومجانيته؟، يسأل النقابيون، غداة المكرمة السعودية. بالمقابل، لا يخفي مديرو المدارس قلقهم من تعثّر انطلاقة السنة الدراسية، بسبب تأخير تسليم الكتب والسيولة لصناديق المدارس
فاتن الحاج
ارتفع الدعم السعودي للمدرسة الرسمية اللبنانية هذه المرّة إلى الضعف. 40 مليون دولار لتغطية تكاليف رسوم التسجيل وصندوق الأهل لكل مراحل التعليم العام والكتاب المدرسي حتى التاسع الأساسي (البريفيه)، و4 ملايين دولار هبة للهيئة الوطنية لدعم المدرسة الرسمية. هي المرّة الثالثة التي تقدّم فيها المملكة العربية السعودية مكرمة تربوية، بعدما تكفّلت بـ20 مليون دولار، بعد حرب تموز، و20 مليون دولار في صيف عام 2007 لتغطية الرسوم فقط.
إذا كان الترحيب بالمكرمة واقعياً في ظل الظروف المعيشية الدقيقة للناس، فهل تلغي المساعدة واجب الدولة في تطبيق قانون إلزامية التعليم حتى سن الثانية عشرة الصادر تحت الرقم 686 بتاريخ 16/3/1998؟ والإلزامية هنا تستوجب المجانية.
السؤال تطرحه الأوساط النقابية، على خلفية أنّ السياسات التربوية لا المساعدات هي الحل لأزمة التعليم الرسمي. يكفي، حسب هذه الأوساط، التأسيس لمرّة واحدة عبر تعزيز مرحلة الروضات وتعميم صفوف الحضانة في المدارس الرسمية وإعداد الخريطة المدرسية. يسأل النقابيون: «لماذا علينا أن ننتظر مع بداية كل موسم دراسي ترجمة الوعود التي تقطعها هذه الدولة أو تلك بغضّ النظر عن أهداف هذه الدول؟». ينتقدون سياسة إرساء ثقافة الإعانات لدى الشعب اللبناني، في وقت ترصد فيه المبالغ ككوتا للمذاهب والطوائف في المدارس الخاصة المجانية. ورغم ذلك، تبقى المساعدة الخارجية، برأيهم، أفضل من «الشحادة» من السياسيين الذين يندفعون في كل عام لتوزيع الحسنات لأسباب سياسية وانتخابية. «الأولى تطال كل الناس، أما الثانية فهي مذلة لبعض الناس».
«المكرمة هي بمثابة تأجيل لمشكلة دائمة، وتهرّب من السير في الحلول الجذرية»، يقول حنا غريب، رئيس رابطة أساتذة التعليم الثانوي الرسمي. ومع أنّ عايدة الخطيب، رئيسة رابطة المعلمين الرسميين في بيروت، تعترف بإيجابية الهبة لانطلاق العام الدراسي، لكنها ترفض أن تكون بديلاً عن دور الدولة في دعم المدرسة الرسمية. تشرح الخطيب أنّ وزارة التربية والتعليم العالي لم تعد تتكفل بكل المصاريف كما في السابق، وباتت المدارس تؤمن القرطاسية وتدفع تكاليف الصيانة والكهرباء من صناديقها التي تتغذى من رسوم التسجيل ورسوم مجلس الأهل (60 ألف ليرة لبنانية عن كل تلميذ). وتذكّر بأنّ الرسوم لم تدفع بعد عن السنة الدراسية 2005 ـ 2006، علماً بأنّها توفر احتياطاً للصناديق. وتوضح الخطيب أنّ معظم المدارس تتقشف وتستغني عن تنظيم الكثير من النشاطات الضرورية للعملية التعليمية.
في المقابل، يبدو أنّ تجربة تغطية تكاليف الرسوم والكتب ليست مشجعة للمديرين أيضاً وهي باتت تحدث إرباكاً في صفوفهم. هم يتخوّفون من تعثر انطلاقة العام الدراسي بشكل طبيعي، وخصوصاً مع احتمال تأخر تسليم الكتب حتى ما بعد تشرين الأول. كذلك يتوقعون أن لا تصل السيولة الناتجة من الهبة إلى صناديق المدارس قبل شباط أو آذار، ما يعني تأجيل تلبية الاحتياجات الأساسية. يفضّل المديرون تقاضي رسم صندوق الأهل حالياً، على أن يعيدوه فور وصول التغذية. يسجّلون من جهة ثانية، إيجابية تسليم الكتب لإدارات المدارس وبالتالي تخفيف الأعباء على المواطنين لجهة عناء الانتقال إلى المكتبات لشرائها.


المركز التربوي: الكتب طُبعت

تؤكد الدكتورة مارسيل أبي نادر، رئيسة مكتب التجهيزات والوسائل التربوية في المركز التربوي للبحوث والإنماء، أنّ الكتب المدرسية طبعت وستكون جاهزة مطلع العام الدراسي. وتوضح أن آلية إيصال الكتب تعتمد على دقة المعلومات التي يقدمها المديرون عن أعداد التلامذة المسجلين. يذكر أنّ الكتب تسلّم إلى إدارات المدارس عبر المناطق التربوية. وتلفت أبي نادر إلى أنّ الصيغة التي اتبعت منذ عامين في تأمين الكتب التي تبرعت بها الإمارات العربية المتحدة لم تكن عملية. وتقول: «أحدث تسليم القسائم للأهالي لشراء الكتب من المكتبات مشكلة في تحصيل أصحاب المكتبات لأموالهم». يتولى المركز التربوي متابعة ومراقبة الكتاب المدرسي الرسمي عبر لجان ميدانية في مراكز التوزيع والمكتبات.