تركت المكرمة السعودية ارتياحاً في صفوف الأهالي وينتظرون التنفيذ. لكن ما يؤرقهم أن تقع مدارس أولادهم بالقرب من أماكن التوتر في مخيم عين الحلوة
صيدا ــ خالد الغربي
تبتسم فاطمة سعد إثر انتهائها من تسجيل ابنها في الصف الثالث الثانوي من دون أن تسدد رسم التسجيل. ورغم زوال الهم، كما تصفه سعد، إلا أنّ فكرتين تؤرقانها، إحداهما لا تعيرها اهتماماً كبيراً، هي الاحتقان المذهبي، أما الثانية فتشغلها، وهي موقع المدرسة القريب من مخيم عين الحلوة الخاضع باستمرار لهزات أمنية متتالية. يتيح هذا الإجراء لسعد التصرف بالمليون ليرة التي ادخرتها والتي ستحولها «للاستخدام» في مستلزمات عيد الفطر.
مع بداية الموسم الدراسي، تعيش منطقتان من مناطق «المربعات التربوية»، وهما التعمير وبركة غزالة ـــــ الدكرمان هاجس حصول أي توتر في مخيم عين الحلوة.
ويعيش تلامذة هذه المناطق التربوية هاجس «الدكات والرعبات» وما تفرضه من هروبهم أو توقف الدراسة لأيام كما يقول التلميذ في ثانوية صيدا الرسمية للبنين محمد حمزة. ويحصي حمزة أكثر من عشر حالات هروب في العام الماضي حين كان رصاص المتقاتلين في المخيم ينهمر باتجاه التعمير. ويتعدى هذا الهاجس إطار هذه المناطق ليصل إلى المدارس في عمق المدينة، وتلك الموجودة في المخيم كما حصل الأسبوع الماضي بعد توقف عدد من مدارس الأونروا بسبب الاشتباكات.
وبعد انطلاق الموسم الدراسي على نطاق محدود، تشهد المدينة ورشة استعدادات تربوية في المكتبات، حيث يصف البعض الإقبال «بالطبيعي».
أحمد ناجيا كان سعيداً لأنه لن يدفع رسم التسجيل وثمن كتب لولديه. ويقول ناجيا إن «العيدية كبيرة» لأن الإعفاء من الرسوم والكتب أتى في وقته «سندفع المبلغ الذي كنا سندفعه بدل أقساط وكتب لشراء مستلزمات أخرى».
ويشكو آخرون ممن أولادهم في مدارس خاصة ارتفاع أسعار الكتب والأقساط. وقال محمد الرفاعي الذي ابتاع كتب ولده في الصف الابتدائي الثاني بـ 250 ألف ليرة: «نحن نقسط القسط المدرسي على 12 شهراً، لا على مدار العام الدراسي فحسب». ويشير الرفاعي إلى أنّ زيادة الـ 200 ألف المتوقعة يمكن القول فيها: «زيادة بأية حال جئت يا زيادة». ووصف الواقع بالقول: « تأخذها باليمين وتدفع ضعفيها بالشمال».
وفي انتظار بدء العام الدراسي، تشهد بعض الساحات العامة ومحيط المدارس إعلانات يطلقها أصحاب الفانات لاستقطاب التلامذة مع بداية الموسم. «نحن الأفضل»، «الأمان بالله أمّن ولدك عنا وما تخاف من السرعة والتهور» و«إبنك ضناك لا تنام بين القبور ولا تشوف منامات وحشة». عبارات يتفنن أصحابها في مضمونها لاصطياد الأهل بها. ويقول أحمد الجعفيل الذي يملك فاناً خاصاً لنقل الطلاب إنّه لم يحدد حتى الآن تسعيرة نهائية لنقل التلامذة.
وتشهد أقسام الروضات وصف الثانوي الأول في المدارس الرسمية إقبالاً شديداً وفقاً لمصادر تربوية في المدينة. هذا الإقبال تعزوه المصادر إلى تحسن في نتائج المدرسة الرسمية في المدينة التي أصبحت تضاهي المستوى التعليمي في المدارس الخاصة والغلاء الذي يدفع إلى «التسرب» باتجاه المدرسة الرسمية. لكن الإقبال الشديد لن يؤدي إلى نشوء أزمة، إذ سيجري استيعاب معظم التلامذة وتوفير صفوف لهم، كما أكدت هذه المصادر.