متعاقدو «الأساسي» ينتفضون
الهرمل ــ رامي بليبل
يراهن المتعاقدون في التعليم الأساسي على انتزاع مطالبهم. فالوزيرة خاضت معركة إصدار قانون التثبيت ووعدت أكثر من مرة بأنها ستخوض معركة تنفيذه هل يحرّك الاجتماع الذي تعقده لجنة المتابعة العليا للمدرّسين المتعاقدين في التعليم الأساسي، اليوم، مع وزيرة التربية والتعليم العالي بهية الحريري مطالب تعود إلى أكثر من خمسة عشر عاماً؟ أم أنّه سيؤدي إلى النتائج السلبية ذاتها للاجتماعات السابقة، ويحوّل المتعاقدين نحو الإضراب والاعتصام مع بداية العام الدراسي الحالي، كما يلوّح رئيس اللجنة ركان الفقيه.
وكانت لجنة المتابعة قد خرجت من رحم الإجحاف والإهمال المتراكم لشريحة واسعة من الجسم التربوي، وخصوصاً في مرحلتي رياض الأطفال والتعليم الأساسي. وخلال هذه السنوات، استطاعت انتزاع القانون 442 الصادر عن المجلس النيابي في عام 2002 والقاضي بتثبيت المعلمين المتعاقدين عبر المباراة المحصورة. كذلك تمكنت اللجنة من صرف المستحقات المالية سنوياً.
ومع أنّ جدول المطالب الرئيسية يلامس لقمة عيش أكثر من 12 ألف مدرّس متعاقد فهو لا يزال رهن التجاذبات بين اللجنة والوزارة. أما المطالب القديمة الجديدة، فتتمثّل في تنفيذ القانون 442، زيادة البدل المالي لساعة التعاقد بحيث تصبح 23 ألف ليرة بدلاً من 11 ألف ليرة للفئة الأولى أي حملة الإجازات و18 ألف ليرة بدلاً من 9 آلاف للفئة الثانية أو غير المجازين.
يؤكد المتعاقدون أهمية الحصول على بدل النقل أسوة بالمعلمين والقطاعات العمالية الأخرى. ويدعون إلى فتح باب انتسابهم إلى الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي ريثما يجري تثبيتهم عبر وزارة التربية، مع التأكيد على صرف الجزء الباقي من المستحقات المالية عن العام الدراسي الماضي فوراً.
يشير الفقيه إلى «أنّ حرمان آلاف المدرسين المتعاقدين استقرارهم المهني والحياتي يجعلهم أمام مصير مجهول وقلق مستمر بعد سنوات من خدمة المدرسة الرسمية». كذلك فإنّ وضعهم ينعكس سلباً على عشرات آلاف التلامذة في المدارس الرسمية «التي يدّعي المسؤولون العمل على تعزيزها وهو كلام معسول يبقى مجرد حبر على ورق»، كما يقول.
ويرى أنّ «قضيتنا وطنية واجتماعية وإنسانية بامتياز بعدما تحوّل المدرسون المتعاقدون إلى الكادر التعليمي الرئيسي الذي تقوم على عاتقه العملية التربوية في مرحلتي الروضة والتعليم الأساسي». يُذكر أنّ المدرسة الرسمية هي الملاذ الأخير لأبناء الطبقات الفقيرة والمتوسطة التي تتزايد باستمرار في ظل التدهور الاقتصادي المعيشي والغلاء المستمر في لبنان.
ويلفت الفقيه «إلى أن جذور الإجحاف تعود إلى أنّ الحكومات المتعاقبة لا تجد لها أي مصلحة في تعزيز التعليم الرسمي، وخصوصاً الأساسي منه لأنّه سيمثّل البديل للتعليم الخاص». هناك، يقول، «تتوزّع أطراف الطبقة السياسية التي تستقبل مدارسها أبناء الفئات الميسورة بينما لا يجد أبناء الفقراء مكاناً لهم فيها، فيلجأون إلى المدرسة الرسمية التي لا تعني أحداً ممّن يدّعون أنّهم مسؤولون».
وتظهر من بين جملة المشاكل مؤشرات تفاؤل للمرحلة المقبلة، فيبدي الفقيه ارتياحه لتولي الحريري مهمّات وزارة التربية، «فهي المطّلعة على تفاصيل مشكلة المتعاقدين من خلال دورها في رئاسة لجنة التربية النيابية، وقد خاضت معهم معركة إصدار قانون التثبيت ووعدت أكثر من مرة بأنها ستخوض إلى جانبهم معركة تنفيذه».
فهل تصدق الوزيرة مع نفسها في معالجة قضية المتعاقدين وتحقيق مطالبهم بعدما أصبحت صاحبة القرار في هذا الشأن أم أنها ستقف عند أول عقبة ستواجهها مع رئاسة الحكومة وبعض القوى السياسية.
وكانت الحريري، حسب الفقيه، قد خاضت حين كانت في رئاسة لجنة التربية النيابية معركة إصدار قانون التثبيت ووعدت أكثر من مرة بأنها ستخوض إلى جانب الأساتذة معركة تنفيذه وهي التي تدرك مدى أهمية معالجة هذه القضية على النهوض بالمدرسة الرسمية التي تعمل على دفعها إلى الأمام.