نيفين حمادةكيف نستطيع تحويل عشاء بسيط بين زوجين أو حبيبين إلى ذكرى رائعة في حياتهم العاطفية؟ الطعام والحب تجمعهما قواسم مشتركة، فنحن نُشبِّه القبلة بقطعة حلوة شهية، ونستجدي وجبة لذيذة «كالحنان». لاستعادة ما انقطع وصله، لا نحتاج إلّا إلى لحظة شرهة يتشاركها اثنان لفتح كوّة في جدار العلاقة الجليدي.
خصّصت مجلة «psychologies» الفرنسية ملفها الأخير للحديث عن الـ«عشاء الحميم»، وجاء في الملف أن «أجمل الكلام وأحلاه يخرج من الفم المليء بالطعام»، بعضنا استطاع أن يصنع من العشاء لحظة حقيقية للتلاقي والمشاركة، وجعل «تقاسم لذة الطعام صلة وطيدة مع الآخر تنعش الإحساس وتنمّي الرغبة».
ومن نصائح الملف: «لنحاول لمرة أو مرتين في السنة أن نستعيد ذكرياتنا مع الحبيب في مطعمنا المفضل، ذلك الذي احتضن كل اعترافاتنا و أيامنا السعيدة».
الأكل، التذوّق، الشم، الطعم المالح، أو الحامض أو الحلو كلها توقظ المشاعر وتحرّك «الطاقة الجنسيّة» عند الإنسان، في هذا الجو يجري الاتصال عن طريق «الإيماءات والشراهة»، فالعلاقة العاطفية في حاجة من وقت للآخر إلى إعادة إحيائها عبر لحظات حميمة صغيرة تبث الروح فيها، فاللقاء وجهاً لوجه والاقتراب الجسدي أثناء العشاء يعدّ لحظة قوية من التبادل والتواصل، التشارك في تناول الوجبة والنظرات وإطعام الآخر برومنسية وحب، كل ذلك يحضر الأحاسيس للرغبة واللذّة المقبلة المتوقعة.
يمكن تعريف اللقاء الحميم عند العشاء بأنه أشبه بلحظة مكاشفة بلا شفقة، تتحوّل إلى لحظة رائعة بالنسبة إلى الزوجين عندما يتفقان على بعض الأمور، وقد تكون صعبة إذا اختلفا، والاجتماع حول طاولة العشاء يجب أن يكون مرغوباً من الطرفين، ويمكن أن يكون مدمّراً إذا عصفت بحياة الزوجين مشاكل كثيرة جرى طمرها مسبّقاً لتتراكم وتؤدي إلى انفجار يحوّل اللقاء الحميم إلى جحيم.
عندما تتحوّل ساعات النهار إلى سباق مع الوقت لكثرة أشغال أحد الزوجين أو كليهما، يصير الوقت المستقطع بالجلوس إلى طاولة فرصة للحوار والتواصل بين الزوجين، ولمناقشة طموحاتهما ومشاريعهما المستقبلية وحتى مشاكلهما، ويلفت معدّو الملف الفرنسي إلى أن «تصرفاتنا خلال النهار هي عبارة عن تمثيل على مسرح رغباتنا الداخلية للتواصل مع الآخر، والتعبير عن الرغبة هو حاجة دائمة إلى رفع مستوى العلاقة إلى مرحلة متقدمة، ولكي نشعر باهتمام الآخر بنا وبوجودنا دائماً في مركز اهتماماته.
هذه الحالة من الارتياح النفسي تعزّز الحب والثقة، فخلف الكلمات التي تبدو عادية مثل «هل تريد أن تتذوق؟» يكمن في بعض الأحيان تعبير خفي عن مشاعر جميلة...


في المطعم

العشاء في المطعم غيره في المنزل، فالمكان مختلف والأطعمة جديدة والروائح غريبة ما يمهّد للذات التجدّد بعد الروتين اليومي، وتتغير طريقة الكلام بين الزوجين خارج المنزل فيطغى عليها الطابع الرومانسي


مكبّر الخلافات

يؤكّد المحلّل النفسي جان كلود ماتيسياك أن اللقاء حول العشاء هو بمثابة مكبّر لكل العلل إذا كان الزوجان مختلفين، في هذه الحال تكون طريقة الأكل والأصوات التي تنتج منها وحتى طريقة التنفس مزعجة للآخر