حُدّد السادس من تشرين الأول المقبل موعداً لبدء الدراسة في المدارس الرسمية من دون مراعاة لمتطلبات انطلاقة مدارس البقاع، وفي مقدّمها مازوت التدفئة
البقاع ــ رامح حمية
«ممنوع الدين حتى للأقارب». عبارة تنتشر في عدد كبير من محطات توزيع المحروقات في البقاع، مع اقتراب موسم الشتاء. هكذا تجد المدارس الرسمية نفسها في وضع مربك نظراً إلى عدم دفع مستحقات عام 2005-2006 الدراسي وحاجاتها الملحة إلى المازوت للتدفئة مع تحديد 6 تشرين الأول المقبل موعداً لبدء الدراسة.
فالصناديق المدرسية فارغة، بعدما كانت رسوم التسجيل ومجلس الأهل تؤمن السيولة لهذه الصناديق التي تغطي متطلبات المدارس الرسمية من محروقات وخدم ونظافة وقرطاسية وصيانة، حتى وصول المستحقات من وزارة التربية والتعليم العالي. إلا أنّ هبات الإعفاء من رسوم التسجيل تضغط بوضوح على انطلاقة العام الدراسي البقاعي في ظل غلاء فاحش وانخفاض كبير في الكميات المهرّبة من مادة المازوت.
يبدي مديرو المدارس الرسمية في البقاع خوفاً من تعثر انطلاق العام الدراسي. فيصف مدير مدرسة رسمية في غربي بعلبك الوضع الحالي بأنه «مربك ومرعب.. وبيقطع القلب»، لكثرة المتطلبات الملقاة على عاتق المديرين لأن مستحقات 2005 ـ 2006 لم تدفع حتى اليوم. كذلك فإن الاجتماعات المتلاحقة التي عقدت في دائرة التربية «لم تثمر حلولاً للمشكلة»، كما يقول، إلا وعداً من وزيرة التربية بالإسراع في دفع جزء من مستحقات هذا العام من الهبة المقدمة، لكن بداية الشهر المقبل، مع عدم التأكيد على دفع المستحقات المتأخرة منذ ثلاث سنوات. وأوضح المدير أن تأمين مادة المازوت هو «العبء الأكبر الذي جرت معالجته العام الماضي بالاستدانة على ذمتنا المالية الشخصية». أما اليوم ومع وصول سعر صفيحة المازوت إلى 32 ألفاً فيصعب على المديرين استدانتها «لعدم السماح بالدين من جهة، وغياب المازوت المهرّب من جهة ثانية»، كما يؤكد. ويستطرد المدير قائلاً: «لن نستطيع تأمين المازوت لمنازلنا، فكيف للمدرسة وبكميات تتجاوز الـ5 آلاف ليتر!؟». ولا تنتهي المشكلة عند هذا الحد، فقد أكد المدير أنّ «الأموال سترسل للمدارس بناءً على موازنة العام الماضي من دون مراعاة الغلاء المستشري وبشكل خاص على المازوت والقرطاسية. فماعون الورق كان في العام الماضي بـ 4 آلاف ليرة، أما اليوم فسعره تعدّى الـ8500 ليرة».
من جهته، يلفت مدير متوسطة رسمية في غربي بعلبك إلى أنه لن يستدين على مسؤوليّته «إيه، أنا بحالي وبعيلتي مش مكفّي، كمان المدرسة؟».
ويصف مدير متوسطة رسمية أخرى الوضع «بالسيئ جداً». فمدرسته تضم 15 غرفة، وتحتاج كل منها إلى 400 ليتر، أي ما يعادل 6 آلاف ليتر. ويبدي المدير قلقه من تأمين هذا القدر من المحروقات نظراً إلى غلائها و«رفض أصحاب المحطات هذا العام التسليم بالدين، بالنظر إلى التأخر الذي حصل في سداد الديون التي كانت متوجّبة على المدرسة عن العام الماضي». ويضيف: «المازوت يعدّ العائق الأساسي، إلا أنّه ليس الوحيد». وأشار إلى تكاليف الصيانة والنظافة وفواتير الكهرباء والهاتف والمياه المفروضة على مالية المدرسة، متسائلاً عن كيفية بدء التدريس في 6 تشرين الأول في ظل تأخر السيولة الناتجة من الهبة، مؤكداً أنّ «تجارب السنوات الماضية أثبتت أنّ الوعود تطلق، لكنّ التقيد بتنفيذها مشكوك فيه».
وإذا كان مديرو المدارس الرسمية يجمعون على الإرباك والقلق الحاصل معهم بشأن تدفئة قاعات التدريس، فهم يتفقون أيضاً على غياب دعم ومساعدة البلديات لهم، رغم الحق المكتسب للمدارس في ذمة البلديات الذي يبلغ 4% من ميزانية كل منها، فقد أكد جميعهم غياب المساعدة، بعد تذرع البلديات بعدم وجود السيولة الكافية لتقديم الدعم.
أمام هذا الواقع، يبقى السؤال «هل سترسل أموال الهبة المستحقة للمدارس الرسمية قبل موعد بدء التدريس، أم ستدعم الدولة مازوت التدفئة؟ أم أنّ شتاء قاعات التدريس سيبقى بارداً؟»