تتابع «الأخبار» البحث في أوضاع المخافر في محافظة البقاع قبل الانتقال إلى المحافظات الأخرى. مخفر بيادر العدس في البقاع الغربي تنقصه أدنى اللوازم ولا يصلح لخدمة المواطنين والنظارة فيه تتجاوز أبسط معايير حقوق الإنسان
البقاع الغربي ــ أسامة القادري
يجمع كل زائري مخفر بيادر العدس من مواطنين أوقفوا أو مواطنين راجعوا معاملاتهم فيه وحتى العناصر الذين تناوبوا على الخدمة فيه منذ أن استحدث في السبعينات، أن مخفر بيادر العدس غير مؤهل بالمواصفات المطلوبة، إن من الناحية الأمنية أو العسكرية أو الإنسانية، لأن يتابع ويواكب أمور ومشاكل 7 قرى تخضع لنطاق عمله. فالمبنى عبارة عن منزل حجري قديم تبدو عليه التشققات، ومؤلف من غرفتين فقط. غرفة رئيس المخفر التي لا يتجاوز عرضها 3 أمتار ونصف متر وكذلك طولها، ليضيق بها المكتب وخزانة الملفات. أما الثانية، فلا تكبر عنها بشيء، وهي لا تتسع لأسرّة العناصر المناوبين الذين يضطر أحدهم إلى افتراش الممر والنوم فيه.
أحمد الذي كان قد أوقف في المخفر على خلفية شجار مع أحد أبناء بلدته يصف المبنى ضاحكاً: «بدك تكتب عليه مخفر تيصير مخفر، والله لا يفرجيك النظارة. رائحتها تقتل، وعرضها أقل من متر وربع متر وطولها أقل من متر ونصف متر». يتابع وهو يحمد ربه أنه أوقف وحده ولم يكن في النظارة أي موقوف آخر غيره: «طولي مترين، وين بروح بالنص الباقي».
أما جهاد، فيفند ما رأه في المخفر: «تندهش أولاً بشكله الخارجي الذي لا شيء فيه يوحي بأنه مخفر». لكن للنظارة الضيقة انعكاس إيجابي عليه، إذ إنه عندما أوقف مع الذي كان قد تضارب معه بسبب خلاف على الأرض، وطلب منهما رئيس المخفر التصالح قبل تحويلهما إلى النيابة العامة، رفض الاثنان وعزم كل منهما على الاستمرار في شكواه. لكن، لما دخلا النظارة حاول كل واحد منهما أن يدير ظهره للآخر، ولما لم يتمكّنا من الجلوس في النظارة لساعة كاملة، تصالحا.
ومن جهة ثانية، يشير أحد المواطنين إلى أنه اتصل مرة بالمخفر مستنجداً لأن تحضر دورية منه لفض شجار دامٍ بين جيرانه، فكان الرد أنه لا يوجد عناصر كافية لأن جزءاً منهم خرج بمهمة دورية في إحدى القرى. وفي السياق ذاته، رأى أحد رجال الدرك الذين خدموا سابقاً في مخفر بيادر العدس أن النقص يبدأ من عديد العناصر، الذين لم يتجاوز عددهم السبعة في أحسن الأحوال. ويفترض بهؤلاء أن يحافظوا على الأمن والاستقرار في 7 قرى موزعة على قضاءي راشيا والبقاع الغربي. ويضيف الدركي: هذا عدا عن هشاشة البناء الذي يمثّل خطراً على العاملين فيه. وأحياناً، يضطر مخفر بيادر العدس إلى أن يرسل الموقوفين إلى سجن جب جنين، لأن النظارة لا يمكنها أن تتسع لأكثر من اثنين. إضافة إلى ذلك، يصبح المخفر غير صالح للاستخدام شتاءً، إذ إن وسائل التدفئة لا يمكنها أن تزيل أثر الصقيع والجليد في منطقة جبلية ترتفع نحو 1200 متر عن سطح البحر، وخاصة مع تسرب مياه الأمطار والثلوج الذائبة إلى داخله عبر تشققات السقف.
ومن جهة ثانية، أشار مسؤول أمني إلى أن فصيلة جب جنين تقدمت بعدة طلبات لرفع عديد العناصر في مخافر البقاع الغربي وراشيا، إلا أن الرد يكون دوماً بأن عدد المتطوعين من أبناء المنطقة قليل جداً. أما أبناء المناطق الأخرى، فيجهدون لتأمين تدخلات سياسية ومن ضباط رفيعين كي لا يخدموا في هذه المنطقة النائية. وأضاف المصدر إن قوى الأمن الداخلي في البقاع الغربي تفتقد أيضاً قوى المؤازرة التي من شأنها أن تدعم المخافر والفصائل في أي مداهمة، مما يضطرها إلى طلب مؤازرة الجيش.