رامي زريقأقرّ مجلس الوزراء الكريم زودة على الحدّ الأدنى للأجور بقيمة 200 ألف ليرة. احتجّ العمال. نعتوا الزودة بالهزيلة. رفضوها. ثم.. قبلوا بها. في النهاية، سوف يحصل العمال على زودة. طبعاً لن تكون كافية، لكنها «أحسن من لا شيء». لا شيء: هذا تماماً ما سوف يحصل عليه العمال الزراعيون. فهم غير منظمين، ولا ينتمون لنقابة أو اتحاد. هناك نقابات زراعية ولكنها لا تضم إلا المزارعين، أما العمال الزراعيون، فمعظمهم من غير اللبنانيين، ولا يتمتعون بكامل الحقوق التي ينص عليها قانون العمل. تكثر بينهم النساء اللواتي يكدحن من الفجر إلى النجر تحت أشعة الشمس الحارقة أو في الحقول الغارقة، ليكسبن أجراً يومياً لا يزيد عن قيمة فنجاني قهوة في مقهى في شارع الحمراء. تعاني العمالة الزراعية من الاستغلال الصارخ في كل بلدان العالم. فأفرادها عادة من المهاجرين غير القانونيين المستعدين للقبول بأدنى الأجور وبشروط عمل رديئة.
إنهم البولنديون في بريطانيا، الذين يعيشون في شبه أقفاص، بدون ماء أو تدفئة. إنهم المكسيكيون في الولايات المتحدة الأميركية الذين يسكنون في مجمعات/معتقلات. يتعرضون يومياً للسموم الزراعية، وقد اعترفت وكالة حماية البيئة الأميركية بأن أكثر من 300 ألف منهم يصابون بالتسمم سنوياً. إلا أنهم، وبالرغم من كل ذلك، منظمون في إطار اتحادات، تكشف معاناتهم للعالم وتدافع عن حقوقهم. وقد توصّل عمال مكسيكيون يعملون في الولايات المتحدة أخيراً إلى تحقيق انتصار تاريخي على إحدى الشركات العملاقة وإلى تحسين ظروف عملهم من خلال احتجاجاتهم المنظمة. وقد ساعدهم على ذلك المجتمع المدني في مناطق عملهم. فليأخذ المجتمع المدني اللبناني، حامل رسالة الحضارة والتنوّر، العبرة ولينتقل من مقاهي بيروت إلى حقول البقاع والجنوب وعكّار.