محمد محسنتحجم الكثيرات من ربّات المنازل عن استعمال مواد غذائية معلّبة، ويفضّلن استخدام بديلها «البيتي»، إلا في حالة تلك الدخيلة على مطبخنا التي لا بديل يوازيها فيه مثل الكاتشاب. في المقابل، تبقى مجموعة من الأصناف الغذائية، في دائرة الصراع، بين ما هو طبيعي ومصنوع يدوياً دون مواد حافظة، وبين ما هو معلّب، ومحفوظ بالتنك والكرتون، ومنتج في مصانع. فرغم أنه لا يختلف اثنان على تفضيل المونة القروية على تلك التي تنتجها المصانع، إلا أن المستهلك قد يفضّل شراء هذه الأخيرة لأنها أوفر ثمناً، وهناك أمثلة كثيرة على ذلك.
ففارق السعر بين صلصة البندورة المصنوعة في بيوت قروية وتلك المعلبة واضح. وإذا كان كيلو الصلصة المعلّبة لا يساوي أكثر من خمسة أو ستّة آلاف ليرة تبعاً للنوعية، فإن سعر نظيره القروي قد بلغ خمسة عشر ألف ليرة هذا العام، بعدما كان يبلغ حوالى ثمانية آلاف ليرة في العام الماضي. وفيما تخلو صلصة الطماطم المصنوعة يدوياً من المواد الحافظة، تحتوي الصلصة المعلّبة على نسبة منها.
«شراب البندورة» كما يسمّونه في الجنوب، هو حصيلة موسم بندورة يزرع في الحقل قرب البيت، ويتُنتج عبر عمليّة معقّدة، تتطلّب حطباً للنار، وطماطم وملحاً، وخبرةً تتيح تلبية رغبات الزبائن. يشتري هؤلاء بكمّياتٍ لا تقلّ عن الخمسة كيلو، لتأمين متطلبات موسم بكامله، وأنواعاً متعدّدة من الطبخات.
أمّا الزعتر المطحون، فهو أيضاً من الصّناعات القروية التي اعتدى عليها «القطاع الصناعي» وأصبح يدخل عليها عناصر أخرى مع الزعتر.. ليست بزعتر، كنخالة القمح التي يتدنى ثمنها وتثقل وزن الكيس، ليصل سعر الكيلو المصنّع إلى سبعة آلاف ليرة في «أبهظ» الأحوال، فيما تتراوح أسعار الزعتر المطحون القروي بين عشرين وخمسة وعشرين ألف ليرة. يرتبط الأمر أيضاً بطلب الزبائن ومحال العطارة، إذ يفضّل البعض نكهة السمّاق، والبعض الآخر تهمّه نعومة الزعتر وخشونته. كما أن السعر يرتفع تبعاً لما يسمّى بــ«دقّة الزعتر»، ويشار هنا إلى أنّ موسم الزعتر الذي ينمو غالباً في «الجلالي»، وفي كعب الجبال، يلعب دوراً في ارتفاع سعره أو انخفاضه.
بالإضافة إلى الصلصة والزعتر، هناك أيضاً البرغل والسميد. تلك الحبيبات الصغيرة، هي حصيلة سلق القمح وجرشه. يقيسه البائعون عادة بما يسمّى بالــ»مد» بلغة الجنوبيين، وهو عبارة عن اثني عشر كيلو. بلغ سعره هذا العام حوالى خمسين ألف ليرة تقريباً بسعر الجملة، فيما يرتفع سعر الكيلو بالمفرّق إلى خمسة آلاف ليرة.
تحيل هذه المصنوعات جميعاً إلى «مونة» الضيعة، التي ما زالت تحارب موادّ مصنّعة، يلجأ الكثيرون إليها لأنها أرخص ثمناً.