نالت وكالة غوث اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) هذا العام مليون دولار من الاتحاد الأوروبي لتغطية المنح الدراسية للطلاب الجامعيين الفلسطينيين. فهل تعلن الوكالة أسماء المستفيدين تحقيقاً للشفافية التي ينتظرها الطلاب والأهالي، أم أنّ المساعدات ستبقى عرضة للتدخلات؟
فاتن الحاج
لا يجد الفلسطيني أمامه سوى أن يطرق بابَي صندوق الطالب والأونروا لمتابعة تحصيله الجامعي. وفيما تتراجع خدمات الصندوق، تقدم الأونروا منحاً لعدد محدود من الطلاب يستوفون شروطاً معينة. يتحدث مدير مؤسسة شاهد لحقوق الإنسان محمود الحنفي عن تحسين الشروط هذا العام، ومنها خفض معدل النجاح إلى 60% بدلاً من 70% وشمول المنحة الذكور والإناث وتلامذة المدارس الرسمية والأونروا على حد سواء. لكن «هل يكفي مليون دولار لمساعدة 597 طالباً ينتظرون المنحة هذا العام»، يسأل الحنفي. ويجيب: «عملية حسابية بسيطة تظهر لنا أنّه إذا قسمنا مليون دولار على 25 ألف دولار وهي كلفة تعليم الطالب خلال 4 سنوات، فإنّ عدد الطلاب المستفيدين لا يتجاوز الـ40 طالباً». يطرح الحنفي تحديات أخرى، منها كيف يمكن للطلاب الفلسطينيين أن يؤمنوا المقعد الجامعي في وقت تصل فيه المنحة إليهم في شهر تشرين الثاني؟ ثم ما هو مصير الذين لم تسعفهم ظروفهم من نيل 60% وإلى أين يذهب هؤلاء؟ وماذا لو تبلّغ الطالب بقبول طلبه بعد انتهاء مدة التسجيل؟. لا يخفي الحنفي قلقه من غياب الشفافية في المنح. ويؤيده رئيس اتحاد الشباب الديموقراطي الفلسطيني (أشد) يوسف أحمد، فيطالب الأونروا بإعلان أسماء المستفيدين، كي لا تكون هناك استنسابية في التوزيع. ويعلن أحمد «أننا نستعدّ بعد العيد للتحرك باتجاه بعثة المفوّضية الأوروبية والأونروا ومنظمة التحرير الفلسطينية. وقد طلبنا موعداً من ممثل المنظمة عباس زكي للمطالبة بمضاعفة مساعدات الدول المانحة». وفي هذا الإطار، يسأل الحنفي: «لماذا لا يطلق نداء استغاثة لإنقاذ الطلاب الفلسطينيين تماماً كما حصل بعد أحداث نهر البارد؟».
وفي تفاصيل المعاناة، أنّ جامعة بيروت العربية تعدّ المقصد الأول للطلاب لأنها تستوعبهم في الاختصاص الذي يريدون إذا ما اجتازوا امتحانات الدخول بنجاح. لكن منذ ثلاث سنوات بدأت أقساط الجامعة ترتفع ارتفاعاً مطّرداً وكبيراً.
وفي الحديث عن كلية الطب، فإن تقديمات صندوق الطالب الفلسطيني لطلابها كان بنسبة 50% من قيمة القسط، بدءاً من السنة الثانية شريطة نيل الطالب لمعدل أكثر من 80%. ومع ارتفاع القسط، تقلصت النسبة المدفوعة إلى 40% ثم ما لبثت أن ألغيت تماماً، وبالتالي أصبح باب الصندوق مقفلاً أمام الطلاب الراغبين بدراسة الطب، علماً بأن الصندوق قد أوقف مساعداته لطلاب كلية الصيدلة أيضاً. يروي الحنفي أنّ أحد الطلاب في السنة الثانية ـــــ طب حاز في العام الماضي معدلات عالية وقدّم أوراقه هذا العام لصندوق الطالب الفلسطيني آملاً في الحصول على مساعدة، إلا أنه أصيب بخيبة كبيرة حين عرف أن الصندوق أوقف مساعداته لطلاب كلية الطب، ما جعل مستقبله العلمي مجهولاً.
أما بالنسبة إلى المنح المقدمة من الأونروا فإن الشروط المطلوبة للحصول على المنحة لا تتوفر في دراسة الطب. فأحد الشروط هي أن يكون اختصاص الدراسة لا يتجاوز خمس سنوات (وهذا لا يتناسب مع الطب الذي تبلغ مدة دراسته ست سنوات) أو أن لا يتجاوز القسط الستة آلاف دولار (قسط كلية الطب للعام الدراسي 2008/2009 هو أحد عشر ألف دولار). وهذا يعني أنه ليس هناك منح لطلاب الطب.
ولو نظرنا إلى الوضع الاقتصادي الصعب لأهالي الطلاب، يقول الحنفي، لأدركنا بأنهم غير قادرين بتاتاً على دفع الأقساط لأبنائهم لأنّ هذا يحتاج إلى 66 ألف دولار أميركي في ست سنوات.


الأونروا تتخلّى عن طلاب «البارد»

أبلغت وكالة غوث اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) هذا العام طلاب نهر البارد بأنّها لن تتمكن من تعليمهم، كما فعلت في العام الماضي. وبررت الوكالة السبب بعدم وجود الموارد المالية الكافية. أما الطلاب فيعيشون اليوم حالة ضياع وإرباك، فبعدما تسجّلوا في الجامعات ينسحبون منها لعدم قدرة أهاليهم على دفع الأقساط. ويبلغ عدد هؤلاء 116 طالباً في جامعة بيروت العربية فقط، ما عدا انتشارهم في الجامعات الخاصة الأخرى. ويدرج المراقبون الخطوة في إطار تهرّب الوكالة من المسؤولية الملقاة على عاتقها لمساعدة مخيم منكوب لا يزال أبناؤه يعانون من النزوح والتشرّد والفقر، وبالتالي فالحالة الاستثنائية التي استوجبت الإعانة لا تزال قائمة.