خالد صاغية رغم أهميّة لقاء المصالحة في قريطم أوّل من أمس، يتعذّر على الباحث عن صورة جميلة لهذا اللقاء أن يجدها. لم تنشر الصحف صورة واحدة تستحقّ هذه التسمية، سواء كانت لمصافحة أو عناق أو حوار جرى بين النائب سعد الدين الحريري وأيّ شخصيّة من وفد حزب اللّه. لا يتحمّل المصوّرون الصحافيّون وحدهم مسؤوليّة غياب اللقطة الجذّابة. فغياب لقطة كهذه كان سياسيّاً بالدرجة الأولى، ويحمل رمزيّة ذات مغزى. فالوفدان «المتصالحان» التقيا كمن يعقد اجتماعاً حزبيّاً سريّاً. لم يكن الهاجس الأمني هو الطاغي، بل الهاجس الشعبي، كأنّ المجتمعين يخافون أن يضبطهم جمهورهم في هذا الوضع المتلبّس.
يعرف تيّار المستقبل وحزب اللّه أنّ الخطوة التي قاما بها ليست شعبيّة، وكيف تكون كذلك بعدما أمضيا شهوراً طويلة يمارسان الحقن والحقن المضاد. وسيواجه كلّ منهما جمهوره على حدة. لكنّ مهمّة «المستقبل» تبدو أكثر صعوبة، بعدما «نفّس» حزب الله بعض احتقان جمهوره في عمليّة السابع من أيّار، فيما لم تزد هذه العمليّة جمهور «المستقبل» إلا احتقاناً. فما هو الثمن الرمزي الذي سيقدّمه حزب الله كي يتمكّن الحريري من التقدّم خطوة أخرى إلى الأمام؟
بانتظار الجواب وعقد لقاء الحريري ـــــ نصر الله، لا بأس من الانتقال السريع من أجواء التحريض المذهبي إلى خطاب الأخوّة وأبناء الوطن الواحد الذين لا غنى لواحدهم عن الآخر، ولبنان التنوّع الذي لا يمكنه العيش إلا بتعدّديّته وبطوائفه المتنوّعة، وذلك قبل أن نكتشف أن لا حاجة للمصالحة لأنّ الجميع متصالحون، أمّا أصل المشكلة، كما أخبرنا النائب محمد رعد، فهو عدم المصارحة. نعم، إنّه نقص في التواصل رغم تطوّر وسائل الاتّصال، ورغم أنّ شبكةً للاتّصالات هي التي فجّرت «القلوب المليانة».
دخل الزعماء اللبنانيّون فجأةً في سباق مدّ الأيدي. الجميع يده ممدودة. وبعد المصالحات، ستزداد هذه الأيدي امتداداً، وستكون رقبة المواطن وجيوبه جاهزة.