بسام القنطارلم يكن مستغرباً تمديد مهل المقالع والكسارات من جديد، ولو لشهرين فقط، كما تقرر في جلسة مجلس الوزراء أول من أمس. كذلك ليس مستغرباً ظهور الدولة، عبر قراراتها، أو بالأحرى «لاقراراتها» بموقف الضعيف أمام أصحاب الاستثمارات الضخمة في هذا القطاع. فقد بدا الوزراء في جلسة مجلسهم الأخيرة، وبما يختص هذا الموضوع تحديداً، يرمون «جمرة» المواجهة مع المشكل، كلٌّ في حضن الآخر (مفيد التذكير بالتسوية المطلوب إمرارها مع آل فتوش راجع الأخبار ص 12 تاريخ 6/ أيلول/ 2008). لطالما كانت مصالح هؤلاء أقوى من مصلحة الدولة والشعب اللبناني معاً، ويبدو أنه لا شيء تغير مع السلطة الجديدة الحاكمة الحالية، بأكثريتها وأقليتها معاً!
وحسب المعلومات التي توافرت لـ«الأخبار»، فإن سبب هذا التمديد يعود إلى أن وزير الداخلية والبلديات زياد بارود أرسل كتاباً رسمياً إلى مجلس الوزراء، قبل الجلسة الأخيرة، يطالب فيه بضرورة حصر ملف المقالع والكسارات بوزارة البيئة. كذلك ينص، حسب مصادر واسعة الاطلاع في الوزارة، على أنه يرفض أن تعطي وزارة الداخلية التي يتولاها أي مهلة إدارية جديدة لتلك. وبما أن وزير البيئة طوني كرم طلب مهلة لدراسة هذا الملف، فقد أدى كل ذلك إلى اتخاذ قرار التمديد لشهرين إضافيين.
ومن المعلوم أن المرسوم الرقم 16456 الصادر بتاريخ 27/2/2006 حصر ملف المقالع والكسارات بوزارة البيئة بعد استشارة ملزمة للمجلس الوطني للمقالع والكسارات. لكن الحكومة السابقة خرقت هذا المرسوم وكلفت وزير الداخلية إعطاء مهلة إدارية جديدة، الأمر الذي أدى إلى إعطاء سيل من المهل بلغ 403 مهل إدارية في عام 2007 في خطوة مثّلت انتهاكاً فاضحاً للمرسوم المذكور.
وتؤكد بسمة شباني، وهي عضو في حزب البيئة اللبناني «أن أكثر من 5300 هكتار من الأراضي شوهتها المقالع والكسارات، وأكثر من مليارين ونصف مليار دولار من الرسوم خسرتها خزينة الدولة خلال 15 عاماً، وحتى الآن ما من نائب أو تكتل يطالب بتأليف لجنة تحقيق برلمانية لاستعادة هذه الأموال».
وحمّلت شباني وزير البيئة خصوصاً، بصفته رئيس المجلس الوطني للمقالع، والمسؤول عن حسن إدارة هذا الملف، كل تقصير أو تأخير، في وقف بدع «المهل الإدارية». كذلك رأت أن مسؤوليته الرئيسية هي الاعتماد على خطة متكاملة لتنظيم هذا القطاع، تنطلق من وضع قانون جديد ومراسيم تنظيمية، وتأليف لجنة قانونية وفنية تجمع كل الملفات من وزارتي الداخلية والبيئة لدرسها، وإعداد تصور لكيفية تغريم المشوِّهين، وتطبيق مبدأ «المشوِّه يدفع»، الوارد في قانون البيئة، وتحصيل الرسوم السابقة لملفات فتوش وألف مستثمر غيره».
رئيس جمعية «الأرض ـــــ لبنان»، بول أبي راشد، نبه إلى «خطورة ما يجري في قرية أمهز قرب وطى الجوز». وقال إن هناك «مئات الشاحنات التي تنقل رمول هذه القرية دون حسيب أو رقيب».


الكسارات ضاعفت مساحتها

يقدّر بول أبي راشد أن عدد الكسارات والمرامل والمقالع العاملة حالياً على مختلف الأراضي اللبنانية يزيد على 700 كسارة ومقلع، تعمل غالبيتها من دون إذن أو ترخيص، وأن اثنتين منها فقط قامتا بعملية تأهيل لمواقعهما. تجدر الإشارة إلى أن فريق بحث في «مركز الاستشعار عن بعد» التابع للمجلس الوطني للبحوث العلمية استخدم الصور الفضائية (لاندسات وإيكونوس) العائدة لعامي 1989 و 2005 لتقويم الأثر البيئي لرصد التوسع الحاصل في مساحة الكسارات والمرامل. وبيّنت الدراسة أن مساحتها تضاعفت من 2897 إلى 5283 هكتاراً.