عشية انطلاقة العام الدراسي في الثانويات الرسمية، فوجئ المديرون بإلغاء صيغة التعاقد السابقة واستبدالها بأولوية التعاقد مع الفائض من الناجحين عبر مجلس الخدمة المدنية. يأتي القرار بعد أكثر من شهر على إعداد الثانويات لحاجاتها والموافقة على اعتماد اقتراحات الإدارات
كامل جابر
تلتقط إدارات الثانويات الرسمية في مختلف المناطق أنفاسها، بعدما تبلغت شفهياً من مسؤول الدراسات في مديرية التعليم الثانوي قراراً يقضي بإلغاء صيغة التعاقد السابقة، مع المتعاقدين، واستبدالها بأولوية اعتماد الفائض من الناجحين في المباراة المفتوحة عبر مجلس الخدمة المدنية. لم يجد مديرو الثانويات توصيفاً للقرار بأقل من عبارة «متسرّع» أو «مبهم» أو «فوضوي». إذ إنه يأتي عشية انطلاقة العام الدراسي الجديد، وبعد نحو أكثر من شهر على إعداد الثانويات دراساتها التعليمية السنوية، والتي رفعت بموجبها تقارير إلى مديرية التعليم الثانوي تبلغها حاجاتها للتعاقد، وأسماء الأساتذة المقترحين لملء الساعات الشاغرة، وأتت الموافقة على اعتماد اقتراحات إدارات الثانويات والمناطق، وبلّغ الأساتذة بها.
لا ينفي المديرون كفاءة الناجحين في مباراة مجلس الخدمة المدنية، التي اعتمدت الأوائل منهم، ومن لم يوفّق ذهب للتعاقد بنصاب كامل مع الثانويات الخاصة. لكن مدير إحدى ثانويات منطقة النبطية يبدي استغرابه من الطلب إليه طرد المتعاقدين ذوي الخبرة والأسبقية، واستبدالهم بأناس لا يملكون خبرة أو لم يخضعوا أصلاً لدورات تدريبية في كلية التربية. يوضح المدير أنّه نسّق برنامجه التدريسي السنوي الذي يلحظ وجود أكثر من ثلاثين متعاقداً يغطّون حاجة الثانوية، وعنده في مادة الأدب العربي وحدها 10 متعاقدين، وقد مضى على تعاقد البعض منهم ما بين 10 سنوات و15 سنة. ويتساءل: «ماذا لو لم يأت العدد المطلوب لمادة اللغة العربية مثلاً، هل أتخلى عن البعض وأقول للبعض الآخر، حظّك كبير ستبقى معنا هذا العام؟ وكيف سأواجه معلماً رتّب أموره على أساس التعاقد معنا بعد شهر من تبليغه الموافقة؟ هل مطلوب مني إخباره بأن ساعاتك طارت؟». ويردف «هذا ظلم وإجحاف وقرار غير مسؤول».
يقضي القرار باستبدال معلمة تحمل الدكتوراه في مادتها التدريسية، تتعاقد مع إحدى الثانويات منذ نحو 15 عاماً «ذنبها فقط أنها لم تتقدم إلى المباراة، وتغطي 10 ساعات في الثانوية»، كما يقول المدير.
ويطلق المديرون جملة من الأسئلة بشأن القرار «الشفهي»: هل يسمح بالتعاقد هذا في منطقة فيها فائض ويلغى في أخرى لا فائض فيها، هل تلغى جميع العقود القديمة للمتعاقدين القدامى؟ ماذا عن المواد التي لم يكن فيها نجاح فائض مثل الطبيعيات بالإنكليزية والفيزياء بالإنكليزية وفي مادة الجغرافيا، هل نتخلى في هذه الحال عن متعاقدي المواد الأخرى، فيما نبقي على متعاقدي هذه المواد؟ ثم هل مطلوب إلينا تنفيذ مثل هذا القرار الذي أتى في الوقت غير المناسب؟».
أما المتعاقدون فيعانون من إرباك على هذا الصعيد، فالمدرّس وسيم نصار يتعاقد منذ عام 2003 بـ15 ساعة أسبوعية في مادة الرياضيات «وبنيتُ برنامجي هذا العام على هذا الأساس بعدما رفضت أكثر من عرض للتعليم في ثانويات خاصة، ولم أقبل لكوني اتفقت مع ثانوية حسن كامل الصباح الرسمية في النبطية منذ نحو شهر وبلّغت بموافقة الإدارة، وإذا بالمدير يبلغني أمس، بقرار وزيرة التربية، فماذا أفعل؟».
وينعت نصار القرار بالمجحف والظالم بحق الأساتذة المتعاقدين في التعليم الرسمي «ومن اتخذ قراراً كهذا لماذا لم يتنبّه إليه قبل انطلاقة العام الدراسي في جميع المدارس الخاصة وعشية انطلاقة الدراسة في الثانويات الرسمية؟».
وحاولت «الأخبار» الاتصال مراراً بوزيرة التربية والتعليم العالي بهية الحريري للوقوف عند حيثيات القرار، لكنّها لم توفّق إلى ذلك.


القانون يلتزم الحاجة

يشير مديرو الثانويات إلى غياب القانون الذي يقرّ بالتعاقد مع الفائضين. ونصت المادتان 441 و630 استناداً إلى المرسوم الاشتراعي 114 و112 والمرسوم 2869 وكتاب مجلس الخدمة المدنية الرقم 2209 بتاريخ 9/6/2007 وكتاب وزارة التربية والتعليم العالي الرقم 11/6380 بتاريخ 11/5/2006 ومرفقاته على إجراء مباراة مفتوحة عبر مجلس الخدمة المدنية لتعيين أساتذة تعليم ثانوي لتلبية الحاجة وفقاً للبيانات المرفقة، التي حددت هذه الحاجة بحسب المناطق. وإذا كانت حاجة منطقة النبطية، مثلاً، لـ13 معلماً في مادة اللغة العربية مقابل 80 نجحوا في المباراة، فالوزارة ملزمة بتعيين 13 ناجحاً فقط ولا مسؤولية قانونية عليها في هذا المجال.